بحسن طريقة أحمد بن عيسى بن زيد وميل الناس إليه، فأمر بحمله فحمل إلى بغداد ومعه القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وهو والد محمد بن القاسم الصوفي الخارج بخراسان في أيام المعتصم فحبسا عند الفضل بن الربيع وكانا في حبسه في داره في الشارعة على دجلة قريب رأس الجسر بمشرعة الصحن. وكان: حسن الصنيع إليهما يؤتيان بمائدة كمائدته التي توضع بين يديه ويواصلان من الحلو والفاكهة والثلج في الصيف بمثل ما يكون على مائدته، إلى أن أتيا بالمائدة ذات يوم فتغديا ثم رفعت من بين أيديهما فوضعت بين أيدي الغلمان فأكلوا وأكثروا ودخل وقت القائلة فناموا فخرج أحمد بن عيسى بن زيد إلى حب في ناحية الدهليز فرأى القوم نياما، فغرف من الحب بالكوز الذي معه فلما رجع قال للقاسم: يا هذا أعلم أنى قد رأيت فرصة بينة هؤلاء نيام والباب غير مقفل لم يحكموه كما كانوا يفعلون وقد أغفلوه فاخرج بنا.
فقال له القاسم: أنشدك الله فإنك تعلم أنك في عافيه مما فيه كثير من أهل الحبوس، وهذا الرجل يعنى الفضل بنا بر ولنا متعهد. فقال له أحمد: دعني منك واعلم أن العلامة بيني وبينك ما أصف لك فإن تحرك القوم رجعت إليك وكانت علتي بسبب الكوز، وإن لم يتحركوا فأنا والله خارج وتاركك بموضعك. واعلم أنك لا تسلم بعدى. ثم خرج فغرف بذلك الكوز من الحب ثم طرحه من قامته وكان أطول منك ومنى فما تحرك منهم أحد ثم انثنى عليه فقال له: قد رأيت ما قد استظهرت به لك ولنفسي وأنا والله خارج. ثم مضى واتبعه القاسم ففتحا الباب وخرجا فقالا لا نجتمع في طريق ولكن موعدنا كذا. وكذا. قال فما جاز أحمد عتبة الباب إلا خمسين ذراعا حتى لقيه غلام للفضل ابن الربيع مدنى أعرف به من نفسه فبهت الغلام لما رآه وأومأ إليه أحمد بكمه كالآمر له بغضب ان تنح فما ملك الغلام نفسه ان فعل ثم كان عزمه أن يستقيم في تلك الطريق فلما بلى من الغلام بما بلى عدل عن تلك الطريق في طريق آخر للاستظهار على الغلام وأسرع حتى نجا وذكر بقية الحديث.