شدائد ألوان أعفيت من القتل ونقلت إلى المطبق، وفى هذا الحديد من منذ ست عشرة سنة. قال: فاستعظمت محنته وبهت من حديثه. فقال مالك والله ما آيس مع ذلك من فضل الله عز وجل فان من ساعة إلى ساعة فرجا. قال:
فوالله ما خلص كلامه من فيه حتى ارتفعت ضجة عظيمة وكسر الحبس ووصلت العامة إلى المطبق ومكائده فأخرجوا كل من كان في الحبس وخرج الرجل من جملتهم فانصرفت وأنا أريد بيتي فإذا نازوك قد أقبل والفتنة قد ثارت، وفرج الله عز وجل عن الرجل * بلغني عن رجل من أهل كوثى قال:
كان يتقلد بلدنا عامل من قبل أبى الحسين بن الفرات في بعض وزارته فافتح الخراج واشتد في المطالبة وكان في أطراف البلد قوم من العرب قد زرعوا من الأرض مالا يتجاسر الأكرة على زراعته، وكان العمال يسامحونهم ببعض ما يجب عليهم من الخراج فطالبهم هذا العامل بالخراج على التمام أسوة الأكرة وأحضر أحدهم فحقق عليه المطالبة وهو يمتنع فأمر بصفعه حتى أدى الخراج وانصرف فشكى إلى بنى عمه فتوافقوا على كبس العامل ليلا وقتله وراسلوا غيرهم من العرب وتواعدوا على ليلة معلومة فلما كان اليوم الذي يليه تلك الليلة ورد إلى الناحية عامل آخر صارفا للأول فقبض عليه وصرفه وضربه بالمقارع وأخذ خطه بمال وقيده وأمر أن يحمل إلى قرية أخرى على فراسخ من البلد فيحبس فيها، ووكل به عشرة من الرجال فسيروه مرة ماشيا ومرة على حمار فكاد مما لحقه أن يتلف وحصل تلك القرية وكان له غلام قد رباه وهو خصيص به عارف بجميع أموره فهرب عند ورود الصارف، فلما كان من الغد لم يشعر المصروف المحبوس إلا وغلامه الذي رباه قد دخل عليه فكانت محنته إليه أشد عليه من جميع ما لحقه اشقاقا على الغلام وعلى نفسه مما يعرفه الغلام أن يكون قد دل عليه، فقال الغلام: هات رجلك حتى أكسر قيودك وتقوم تدخل بغداد. فقال له: وأين الرجالة الموكلون بي؟ فقال يا مولاي قد فرج الله تعالى وهرب الرجالة. فقال:
ما سبب هذا؟ قال إن الاعراب الذين كنت صفعت منهم واحدا وطالبته بالخراج كبسوا البارحة دار العمالة وعندهم أنك أنت العامل وقد عملوا على