بأحاديث أخر على سبيل الفضول، ثم زحف فدخل إلى جنب أصحاب أصحاب الستور فأخذ معهم في مثل ذلك وأخذوا معه في مثله، ثم زحف فدخل إلى دار العامة فقلت لأصحاب: الستور من هذا؟ فقالوا: رجل زمن فقير أبله طيب النفس يدخل الدار ويتطايب ويتصدق فيهب له الغلمان والمتصرفون فتبعته، إلى أن دخل المطبخ فسأل عما أكل الوزير ومن كان معه على المائدة وفى أي شئ أفاضوا والطباخ وغلمانه وغلمان صاحب المائدة كل واحد يخبره بشئ، ثم خرج يزحف حتى دخل حجرة الشراب فلم يزل يبحث عن كل شئ ويحدث، ثم خرج إلى خزانة الكسوة فكانت حالته وصورته هذه. ثم جاء إلى مجلس الكتاب في الديوان فقصد وأقبل يسمع ما يجرى ويسأل الصبي بعد الصبي، والحدث بعد الحدث عن الشئ بعد الشئ، ويستخبر الخبر في كل موضع من تلك المواضيع ويتتبعه، ويخلط الجد بالمزاح والتطايب بكلامه، والاخبار تنجر إليه وتتساقط عليه، والقطع تجيئه وهو يملا تلك المخلات فلما فرغ من هذا أقبل راجعا يريد الباب فلما بلغه قبضت عليه فأدخلته بيتا وأغلقت عليه وجلست على بابه، فلما خلا الوزير أعلمته. فقال: أحضر لي الرجل.
وفى رواية أخرى أنه لما بلغ الباب تبعته فرجع حتى جاء إلى موضع من الخلد فدخل إليه ووقفت انتظره فإذا هو بعد ساعة قد خرج بثياب حسان ماشيا بغير قلبة فتبعته حتى جاء إلى دار قرب دار الخادم الموكل بحفظ دار ابن طاهر فدخلها. فسألت عنها فقالوا: هذه دار فلان الهاشمي رجل متجمل فرصدته إلى وقت المغرب، فجاء خادم من دار ابن طاهر فدق الباب فكلمه من خوخة له فصاح إليه ورمى إليه برقعة لطيفة فأخذها الخادم وانصرف. فجئت فطلبت من الوزير غلمانا فسلم إلى ما طلبت فبكرت من سحر إلى الدار التي في الخلد فإذا أنا بالرجل قد جاء بزيه الذي دخل به داره بقرب دار ابن طاهر فكبسته في الموضع، فإذا هو قد نزع تلك الثياب ولبس ثياب المكدين التي رأيتها عليه أولا فحملته وغطيت وجهه