فقد حكي إنه ذهب - أثناء إقامته بأصفهان - إلى مسجد الشاه سليمان الصفوي، فدخل بدون استئذان، وجلس على ناحية من المسند الذي كان الشاه جالسا عليه، فسأل عنه الشاه فأخبر إنه عالم جليل من علماء العرب، يدعى محمد بن الحسن الحر العاملي، فألفت إليه وقال: (فرق ميان حر وخر چقدراست) أي: كم هو الفرق بين حر وخر؟ وخر بالفارسية معناها الحمار.
فقال له الشيخ على الفور: (يك متكى) أي مخدة واحدة، فعجب الشاه من جرأته وسرعة جوابه (1).
وبعد مضي زمان على توطنه المشهد المقدس أعطي منصب قاضي القضاة وشيخ الإسلام في تلك الديار، وصار بالتدريج من أعاظم علمائها (2).
ونقل من غريب ما اتفق في بعض مجامع قضائه إنه شهد لديه بعض طلبة العصر في واقعة من الوقائع، فقيل له: إن هذا الرجل يقرأ زبدة شيخنا البهائي في الأصول، فرد رحمه الله شهادته من أجل ذلك (3).
ومما نقل - أيضا - من شدة ذكائه، ما نقله المحبي في خلاصة الأثر إنه قال:
قدم مكة في سنة 1087 أو 1088، وفى الثانية منها قتلت الأتراك بمكة جماعة من الفرس لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف حين وجد ملوثا بالعذرة، وكان صاحب الترجمة قد أنذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم، فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فإلجأ إلى السيد موسى بن سليمان أحد اشراف مكة الحسنيين، وسأله أن يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن، فأخرجه مع أحد رجاله إليها فنجا (4).