قرره النبي صلى الله عليه وآله بقول: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
وبارك الله في جبل عامل فاستمر فيها التشيع إلى يومنا هذا، مع ما مر به الجبل وساكنوه من ظلم الطواغيت وحكم الجزارين، فكان الجبل البقعة الملقية قيادها لأهل البيت (عليهم السلام) ولكن الكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
نعم خرج الجبل أعاظم الرجال من الهداة إلى الحق والمجاهدين دونهم، أمثال الشهيدين العظيمين الذين لا زالت الحوزات العلمية تدرس كتابيهما اللمعة الدمشقية والروضة البهية في مرحلة السطوح.
وخرج أيضا قبل الشهيدين وبعدهما المئات من العلماء الذين لم يقتصر جهادهم - في سبيل مذهب أهل البيت (عليهم السلام ونشر علومهم - على بلاد لبنان، بل تعداها إلى البلد الكبير الواسع إيران، فكانوا علماءه العاملين، وشيوخ الإسلام فيه المثبتين بدعائم التشيع، كالمحقق الكركي والشيخ البهائي وشيخنا الحر العاملي. ولو أراد الكاتب أن يجرد منهم قائمة طويلة الذيل لفعل.
قال الحر في كتابه أمل الآمل: سمعت من بعض مشايخنا إنه اجتمع في جنازة في قرية من قرى جبل عامل سبعون مجتهدا في عصر الشهيد الثاني رحمه الله (1).
وقال العلامة صاحب الأعيان: خرج من جبل عامل من علماء الشيعة الإمامية ما ينيف عن خمس مجموعهم، مع إن بلادهم بالنسبة إلى باقي البلدان أقل من عشر العشير.
ففي مثل هذا البلد العابق بالولاء للإسلام ولنبيه صلى الله عليه وآله ولآله الكرام عليه السلام.. هذا البلد المعروف بالعطاء العلمي الزاخر، فتح شيخنا الحر عينه ليرى أين سيكون موقعه فيه!