ثم واس بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك ولا بيأس عدوك من عدلك، ورد اليمين على المدعى مع بينة (1) فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين، وإياك والتضجر والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب الله فيه الاجر ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق، واعلم أن الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهما فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية، فإياك أن تنفذ فيه قضية في قصاص أو حد من حدود الله أو حق من حقوق المسلمين حتى تعرض ذلك علي إن شاء الله ولا تقعدن في مجلس القضاء حتى تطعم.
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ابتلي بالقضاء فلا يقضي هو غضبان.
3 - وبهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة، وفي النظر، وفي المجلس.
4 - وبهذا الاسناد أن رجلا نزل بأمير المؤمنين عليه السلام فمكث عنده أياما ثم تقدم إليه في خصومة لم يذكرها لأمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخصم أنت؟ قال: نعم، قال:
تحول عنا إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه.
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
لشريح لا تسار أحدا في مجلسك وإن غضبت فقم فلا تقضين فأنت غضبان، قال: وقال أبو عبد الله صلى الله عليه وآله: لسان القاضي وراء قلبه فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك (2).