- أما كلمة (الضرر): فقال بعض: إنه أمر وجودي ضد النفع. وقال آخرون: إن التقابل بينه وبين النفع تقابل العدم والملكة، فيكون معناه عدم النفع في موضوع قابل له. والظاهر أن التقابل بينهما تقابل التضاد لا العدم والملكة: لأنه في الموضوع القابل يرجع إلى النقيضين لا يمكن ارتفاعهما، وفيهما يمكن الارتفاع حتى في الموضوع القابل، فالمبيع الذي بيع برأس المال مثلا مع أن تلك المعاملة قابلة للنفع والضرر يصدق أن هذه المعاملة لا نفع فيها ولا ضرر.
وعلى كل حال الظاهر من لفظ الضرر عرفا هو النقص في ماله، أو عرضه، أو نفسه، أو في شئ من شؤونه بعد وجوده أو بعد وجود المقتضى القريب له بحيث يراه العرف موجودا.
وأما كلمة (الضرار): فقيل بأنه مصدر باب المفاعلة، وحينئذ بناء على أن تكون المفاعلة من الطرفين، يكون معناه الضرر على الغير في مقابل ضرره عليه. وبناء على أن يكون بمعنى تكرار صدور المبدأ من الفاعل سواء أكان الفاعل شخصا واحدا أو شخصين وإن كان يستعمل غالبا فيما كان الفاعل شخصين، ولعل لأجل هذه الغلبة يتبادر بدوا إلى الذهن المشاركة من الطرفين، وإن كان محط النظر فاعلية أحدهما ومفعولية الآخر، كما يقال: ضارب زيد عمرا.
وهذا هو الفرق بين باب المفاعلة والتفاعل بعد اشتراكهما في المشاركة، حيث أن النظر في باب التفاعل إلى فاعلية الاثنين، ولذا يقال: تضارب زيد وعمرو برفع الاثنين، بخلاف باب المفاعلة حيث أنه برفع أحدهما ونصب الآخر كما ذكرنا يكون معناه تكرار صدور الضرر.
وهذا المعنى مناسب في المقام، لأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسمرة (أنت رجل مضار) ليس بمعنى صدور الضرر من الطرفين، لأن الأنصاري ما أضر بسمرة، وكون إطلاق لفظة (مضار) عليه بلحاظ موارد الآخر بعيد عن مساق الحديث، بل الظاهر أنه صلى الله عليه وآله وسلم في