للمشيع التفكر في الموت والتخشع وذكر الله تعالى والاستغفار من الذنوب والاتعاظ بما يصير إليه الموت ولا يضحك ولا يتحدث بشئ من أمور الدنيا ولا يهتم بها لقوله عليه السلام وأنها تذكرة الآخرة. [السادس] أدنى مراتب التشييع أن يتبعها إلى المصلى فيصلي عليها ثم ينصرف وأوسطه يتبع الجنازة إلى القبر ثم يقف حتى يدفن وأكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له ويسأل الله تعالى الثبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين روى الجمهور في حديث البراء ومن شهد حتى يدفن كأنه (كان له) قرطان وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان إذا دفن ميتا وقف وقال استغفر له واسأل الله التثبيت فإنه الآن يسأل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة قال حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطا فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتن أو لنرجعن قال فلم يسكت فرجع عطا قال فقلت لأبي جعفر عليه السلام أن عطا قد رجع قال ولم قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها لتسكتن أو لنرجعن فلم يسكت فرجع فقال امض بنا فلو انا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم قال فلما صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر عليه السلام ارجع مأجورا رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع قال فقلت له قد أذن لك في الرجوع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال امض فليس بإذنه جئنا لا بإذنه نرجع إنما هو فضل وأجره إلينا فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك وفي حديث الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال وقيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها. [السابع] لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه فإن قدر على إنكاره وإزالته فعل وإزالة وإن لم يقدر على إزالته استحب له التشييع ولا يرجع لذلك خلافا لأحمد. لنا: عموم الامر واتباع الجنائز ويؤيده رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وقد علل ترك الرجوع فقال عليه السلام فلو إنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم. * مسألة:
يستحب المشي مع الجنائز ويكره الركوب وهو قول العلماء كافة روى الجمهور عن ثوبان قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في جنازة فرأى ناسا ركبانا فقال ألا تستحيون أن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ثم يرجع كان له قيراط والمشي إنما ينصرف حقيقة في غير الركوب وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له بعض أصحابه ألا تركب يا رسول الله فقال إني لأكره أن أركب والملائكة يمشون ولأنها طاعة وعبادة والمشي فيها أشق فيكون أكثر ثوابا لقوله عليه السلام أفضل الأعمال أحمزها. * مسألة: ويكره المشي أمام الجنازة للماشي بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال الأوزاعي وأصحاب الرأي وإسحاق وقال الثوري الراكب خلفها والماشي حيث شاء وقال أصحاب الظاهر الراكب خلفها أو بين جنبيها والماشي أمامها وقال الشافعي وابن أبي ليلى والمالك المشي أمامها أفضل للراكب والراجل وبه قال عمر وعثمان وأبو هريرة والقاسم بن محمد وابن الزبير وأبو قتادة وشريح وسالم والزهري. لنا: ما رواه الجمهور عن أبي سعيد الخدري قال سألت عليا عليه السلام فقلت أخبرني يا أبا الحسن عن المشي مع الجنازة فقال فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع فقلت أتقول لهذا برأيك أم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال الجنازة متبوعة ولا تتبع ليس منها من يقدمها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول أتبعوا الجنائز ولا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال مشى النبي صلى الله عليه وآله خلف جنازة فقيل له يا رسول الله ما لك تمشي خلفها فقال إن الملائكة رأيتهم يمشون أمامها ونحن نتبع لهم وعن سعيد عن أبي جعفر عليه السلام قال من أحب أن يمشي مشي الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير ولأنها متبوعة فينبغي أن يقدم كالامام والراكب احتج المخالف بما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله مشى أمام الجنازة ولأنهم شيعا له فيتقدمون عليه والجواب عن الأول: أنه معارض بما ذكرناه من الاخبار من طرقهم فيبقى ما ذكرناه من طرقنا سليما عن المعارض، وعن الثاني: أنه معارض بقياسنا. فروع: [الأول] لو مشى أمامها لم يكن به بأس وروى الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها ولا بأس بأن يمشي بين يديها وروى ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المشي مع الجنازة فقال بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها. [الثاني] يستحب لمن شيع الجنازة أن لا يجلس حتى يوضع وبه قال الحسن بن علي عليهما السلام وابن عمر وأبو هريرة وابن زبير والنخعي والشعبي والأوزاعي وأهل الظاهر وأصحاب الرأي وقال الشافعي لا يكره له الجلوس وبه قال مالك. لنا:
ما رواه الجمهور عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى يوضع ومثله رواه جابر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينبغي لمن يشيع جنازة أن لا يجلس حتى يوضع في لحده فإذا وضع في لحده فلا بأس بالجلوس ولان ما ذكره مناسب بالأمر بالمسارعة إلى الدفن احتج الشافعي بما رواه علي عليه السلام قال قام رسول الله صلى