أثر حكم به بحكم الشهيد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأحمد: يغسل حجة الشيخ أنه يحتمل أنه مات بسبب من أسباب القتال فيكون شهيدا ولأنه مات في المعركة فأشبه ما لو وجد عليه أثره حجة أبي حنيفة أن الحكم معلق على من وجد فيه يحكم (الشهيد) لقوله عليه السلام ادفنوهم بدمائهم والأصل وجوب الغسل فلا يسقط بالاحتمال وكلام أبي حنيفة عندي قوي. [العاشر] كل قتيل في المعركة فإنه يحكم له بالشهادة عمدا قتل أو خطأ بسلاح أو غير سلاح شوهد قاتله أم لم يشاهده لعموم الاخبار وكذا لو حمل عليه المشركون فتردى في بئر أو سقط من مرتفع فمات أو سقط من فرسه أو ترفه من فرس أو غير ذلك من أسباب القتل قال الشيخ ولو وجد غريق أو محترق في حال القتال حكم له بالشهادة وإن خرج بعد القتال وبقي ولو كانت ساعة أو أوصى أم أكل وجب غسله. [الحادي عشر] قتيل أهل البغي كقتيل المشركين لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ويدفن وعليه فتوى علمائنا أحتج وبه قال أبو حنيفة وأحمد والشافعي في إحدى القولين وفي الآخر قال: يغسل. لنا: ما رواه الجمهور أن عليا عليه السلام لم يغسل من قتل معه وعما رآه صبي أن لا يغسل وقال ادفنوني في ثيابي قال مخاصم وأوصى أصحاب الجمل انا مستشهدون غدا فلا ينزعوا عنا ثوبا فلا يغسلوا؟ عنادها؟ ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام لم يغسل عمارا ولا هاشم بن عتبة ودفنهما في ثيابهما ولأنه ندب عن الدين فأشبه قتل المشركين ولأنه شهيد المعركة فأشبه قتيل الكفار احتج الشافعي بأن أسماء بنت أبي بكر غسلت ابنها عبد الله بن الزبير والجواب: أنه أخذ وسلب فهو مقتول في غير المعركة. [الثاني عشر] المقتول من أجل البغي يغسل وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وقال أبو حنيفة لا يغسل. لنا: عموم الامر بالتغسيل ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه الزاني والقاتل احتج أبو حنيفة بأنهم جماعة لهم متعة (سعة) وقوة باينوا أهل الحق جدال وقتال (بالجدال والقتال) فلا يغسلون كالمشركين والجواب: الفرق بالاسلام. [الثالث عشر] كل مقتول سوى من قتل بالمعركة فإنه يغسل ويكفن سواء قتل بحديد أو لا وعليه فتوى علمائنا وبه قال الحسن البصري ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى لا يغسل المظلوم كمن قتل ظلما أو دون ماله أو دون نفسه أو أهله وبه قال الشعبي والأوزاعي وإسحاق وقال أبو حنيفة من قتل ظلما بحديد لا يغسل. لنا: عموم الامر بالتغسيل خرج عنه المجمع عليه ولان رتبة هؤلاء دون رتبة الشهيد فلا يساويهم في الحكم ولان عمر بن الخطاب قتل بحديد وغسل. [الرابع عشر] الشهيد بغير قتل كالغريب والنفساء والمبطون وغيرهم من حكم بأنهم يموتون شهداء يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم بلا خلاف إلا ما حكي عن الحسن البصري أنه قال: النفساء لا يصلى عليها. لنا: عموم الامر بذلك ولان النبي صلى الله عليه وآله صلى على امرأة ماتت في نفاسها وصلى المسلمون على علي عليه السلام وهو شهيد وروى عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف يغتسل؟ قال: مثل ما يغسل الطاهر وكذلك الحائض الجنب يغسل غسلا واحدا. [الخامس عشر] ولو وجد ميت ولم يعلم أمسلم هو أم لا فإن كان عليه علامة الاسلام كالختان أو كان في دار الاسلام غسل وصلي عليه وإلا فلا. [السادس عشر] لو وجد في المعركة قطعة فيها عظم كان حكمها حكم الجملة في الغسل. [السابع عشر] المقتول فورا أو مرجوما يؤمر بالاغتسال والتحنيط والتكفين ثم يقتل ويصلى عليه ويدفن وروى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: المرجوم و المرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان ويصلي عليهما والمقتص منه أبمنزلة ذلك يغتسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يصلى عليه ورواه الشيخ عن كردين عن أبي عبد الله عليه السلام. [الثامن عشر] لا يترك المصلوب على خشبة أكثر من ثلاثة أيام وترك بعد ذلك قال المفيد رحمه الله: فتوارى حينئذ جسده بالتراب وقال ابن بابويه غسل ودفن وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقروا (يعزب) المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن. [التاسع عشر] من وجب قتله بغير القود هل يؤمر بالاغتسال ويكون حكمه حكمها؟ الأقرب أنه ليس كذلك لعدم ورود النص بذلك والقياس باطل ويدخل عموم الامر بالتغسيل بعد الموت وقد أطلق بعض الأصحاب ذلك وعندي فيه نظر. * مسألة: ولو وجد بعض الميت اما بأن أكله سبع أو احترق بالنار أو غير ذلك فإن كان فيه عظم وجب غسله بغير خلاف بين علمائنا ويكفن وإن كان صده صلى عليه وإلا فلا. لنا: ما رواه الجمهور أن طاير القد بمكة من معه الحمل فعرفت بالخاتم فكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد يغسلها أهل مكة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يأكله السبع والطير فيبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه يدفن فإذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ولأنه جزء من ميت فكان له حكم كله كالدفن أما لو لم يكن فيها عظم فإنه لا يجب غسلها وكان حكمها حكم السقط قبل أربعة أشهر وكذا البحث لو أبينت القطعة من حي. * مسألة: ويصب الماء على المحترق والمجدور وصاحب القروح ومن يخاف تناثر جلده من المس لأجل الضرورة روى الشيخ عن ضريس عن علي بن الحسن أو أبي جعفر عليهما السلام قال المجدور والكبير والذي به القروح يصب عليه الماء صبا وعن زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه سئل عن الرجل احترق بالنار فأمرهم أن يصبوا عليه الماء صبا وأن يصلى عليه. فرع: ولو خيف من ذلك أيضا تيمم بالتراب لأنه في محل الضرورة أشبه بالحي ويؤيده ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن آبائه
(٤٣٤)