وأبو الدرداء وأبو موسى وقال ابن عباس فضلت الحج بسجدتين ولا يقوله إلا عن توقيف وهذا يبطل قول أبي حنيفة احتج بأنه فيها بين الركوع والسجود فقال: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا) فلم يكن سجدة في قوله تعالى: (خروا سجدا) (اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) والجواب: أن إقران الركوع لا ينفي استحباب السجدة كما في إقران البكاء في قوله تعالى: (خروا سجدا وبكيا) مع أنه معارض بما تقدم من الأحاديث وبفعل الصحابة والتابعين قال ابن عمر لو كنت تاركا إحديهما لتركت الأولى وقال ابن إسحاق أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين وأيضا فالأول إخبار والثانية أمر واتباع الامر أولى ولنا على إبطال قول الشافعي من إنكار سجدات المفصل ما رواه عمر بن عاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله اقرأه خمس عشر سجدة وما رواه أبو رافع قال صليت خلف أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت ما هذه السجدة فقال سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وآله فلا أراني أسجد فيها حتى ألقاه وعن أبي هريرة قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك رواه مسلم وأبو داود عن عبد الله بن مسعود وأن النبي صلى الله عليه وآله قاله سجد في سورة النجم وما بقي من القوم أحد إلا سجد وعلى إبطال قوله في ص ما رواه أبو داود بإسناده عن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله سجد فيها احتج الشافعي على الأول بما رواه أبو الدرداء قال سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله أحد عشرة ليس فيها شئ من المفصل وعن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله لم يسجد في شئ من المفصل منذ تحول إلى المدينة. والجواب عن الأول: ان إسناده ضعيف قال أبو داود لأنه شهادة على النفي فلا يقبل مع رواية الاثبات وعن الثاني بذلك أيضا ولان أبا هريرة أسلم بالمدينة سنة سبع فيكون أولى من حديث ابن عباس لأنه كان صبيا لا يعرف أفعال النبي صلى الله عليه وآله على التفصيل واحتج على الثاني للسجود بما رواه أبو سعيد وقال قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على المنبر صاد فنزل فسجد وسجد الناس معه فكما كان يؤم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشرن للناس للسجود فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشذهم؟؟ للسجود فنزل فسجد وسجدوا وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله سجد في ص وقال سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا والجواب أنهما يدلان على ما قلناه من السجود فيها لكن نقول باستحبابه. فروع: [الأول] أجمع علماؤنا على وجوب أربع منها وهي سجدة لقمان وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك والباقي مستحب وقال الشافعي: الكل مستحب وقال أبو حنيفة: الكل واجب. لنا: على وجوب الأربع ما روي عن علي عليه السلام قال: عزائم السجود أربع ولأنها تتضمن الامر بالسجود فتكون واجبة وما عداها غير صريح في الامر فيكون مستحبة وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك ولك تكبير حتى ترفع رأسك والعزائم أربعة حم السجدة وتنزيل والنجم واقرأ باسم ربك وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال إذا اقرأ شئ من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء إن كنت جنبا وإن كانت المرأة لا تصلى وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت وإن شئت لم تسجد. [الثاني] قال الشيخ يجب على القارئ والمستمع أما السامع فعندي فيه ترديد وأحوطه الوجوب لرواية عبد الله بن سنان وقيل لا يجب بل يستحب عملا بالأصل وفيه قوة وعليه اعمل لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل سمع السجدة تقرأ، فقال: لا يسجد لا أن يكون منصتا لقرائته مستمعا لها أو يصلي بصلاته فأما أن يكون في ناحية يصلي وأنت في ناحية أخرى فلا تسجد لما سمعت. [الثالث] قال الشيخ في الخلاف موضع السجود في حم السجدة عند قوله واسجد والله فقال في المبسوط عند قوله إن كنتم إياه تعبدون وبه قال مالك وقال الشافعي وأهل الكوفة عند قوله وهم لا يسأمون. لنا: أن الامر بالسجود مطلق للفور ولا يجوز التأخير. [الرابع] يجوز فعلها في الأوقات كلها وإن كانت مما يكره فيه النوافل وهو قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين ومروي عن الحسن والشعبي والسالم وعطا وعكرمة وقال أحمد في الرواية الأخرى أنه لا يسجد وفيه قال أبو ثور وابن عمرو وسعيد بن المسيب وإسحاق وقال مالك يكره في قراءة السجدة في وقت النبي. لنا: إطلاق الامر بالسجود المتناول للأوقات كلها ولأنها ذات سبب فجاز فعلها في وقت النهي عن النوافل كقضاء النوافل الراتبة لا يقال قد روى الشيخ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا يستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس وبعد الفجر قال لا يسجد لأنا نقول أن رواتها فطحية فلا يعارض ما ثبت بغيرها من الاخبار احتج المخالف بقوله عليه السلام لا صلاة بعد الفجر حتى يطلع الشمس ولا بعد العصر حتى يغرب الشمس والجواب أن السجدة ليست بصلاة ولا هي عندنا جزء صلاة ولو سلم فالنهي يتناول النفي المبتدأة للواجب والنفل إذا السبب. [الخامس] لا يفتقر إلى تكبيرة إحرام لان الامر ورد بمطلق السجود وهو إنما يتناول وضع الجبهة فالزائد منفي بالأصل إلى أن يقوم الدليل وبه قال مالك في غير الصلاة أما إذا كان فيها فإنه تكبر وقال الشافعي وأبو حنيفة يكبر مطلقا وبه قال الحسن وابن سيرين والنخعي.
لنا: ما تقدم وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك لكن تكبر حين ترفع رأسك ومثله رواه عن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام احتج المخالف بأنها صلاة فيشرع فيها تكبيرة الافتتاح والجواب: المنازعة في المقدمة الأولى. [السادس] ولا يفتقر إلى تكبيرة السجود وقال الجمهور يكبر للسجود وقال الشافعي يكبر ثنتين للافتتاح واحدة وللسجود أخرى. لنا: ما تقدم فإنه دال على انتفاء مطلق التكبير. [السابع] يستحب إذا رفع رأسه أن يكبر وبه قال الشيخ في المبسوط