الحيض أكثر من الطهر وهذا محال، فقلنا لهم: من أين لكم أنه محال؟ وما المانع إن وجدنا ذلك (1) ألا يوقف عنده؟ فما نعلم منع من هذا قرآن ولا سنة أصلا ولا اجماع ولا قياس ولا قول صاحب، وبالله تعالى التوفيق * - 267 - مسألة ولا حد لأقل الطهر ولا لأكثره (2)، فقد يتصل الطهر باقي عمر المرأة فلا تحيض بلا خلاف من أحد مع المشاهدة لذلك، وقد ترى الطهر ساعة وأكثر بالمشاهدة * وقال أبو حنيفة: لا يكون طهر أقل من خمسة عشر يوما، وقال بعض المتأخرين:
لا يكون طهر أقل من تسعة عشر يوما، وقال مالك: الأيام الثلاثة والأربعة والخمسة بين الحيضتين ليس طهرا وكل ذلك حيض واحد، وقال الشافعي في أحد أقواله كقول أبي حنيفة، والثاني أنه لاحد (3) لأقل الطهر، وهو قول أصحابنا، وهو قول ابن عباس كما أوردنا قبل، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم * فأما من قال لا يكون طهر أقل من خمسة عشر يوما فما نعلم لهم حجة يشتغل بها أصلا، وأما من قال: لا يكون طهر أقل من تسعة عشر يوما فإنهم احتجوا فقالوا: إن الله تعالى جعل العدة ثلاثة قروء التي تحيض وجعل التي لا تحيض ثلاثة أشهر، قالوا:
فصح أن بإزاء كل حيض وطهر شهرا (4)، فلا يكون حيض وطهر في أقل من شهر * قال أبو محمد: وهذا لا حجة فيه، لأنه قول لم يقله الله تعالى فناسبه إلى الله تعالى كاذب، نعنى أن الله تعالى لم يقل قط انى جعلت بإزاء كل حيضة وطهر شهرا، بل لا يختلف اثنان من المسلمين في أن هذا باطل، لأننا وهم لا نختلف في امرأة تحيض في كل شهرين مرة أو في كل ثلاثة أشهر مرة -: فإنها تتربص حتى تتم لها ثلاثة قروء وبلابد، فظهر كذب من قال: إن الله تعالى جعل بدل كله حيضة وطهر شهرا، بل قد وجدنا