214 - مسألة - والرجال والنساء (1) في كل ذكرنا سواء، وسفر الطاعة (2) والمعصية في كل ذلك سواء، وكذلك ما ليس طاعة ولا معصية، وقليل السفر وكثيره سواء * برهان ذلك عموم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه، ولو أراد عليه السلام تخصيص سفر من سفر، ومعصية من طاعة، لما عجز عن ذلك، وواهب الرزق والصحة وعلو اليد للعاصي والمرجو للمغفرة له يتصدق عليه من فسح الدين بما شاء، وقولنا هو قول أبي حنيفة * ولا معنى لتفريق من فرق في ذلك بين سفر الطاعة وسفر المعصية -، لا من طريق الخبر ولا من طريق النظر * أما الخبر فالله تعالى يقول: (لتبين للناس ما نزل إليهم) فلو كان ههنا فرق لما أهمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا كلفنا علم ما لم يخبرنا به، ولا ألزمنا العمل بما لم يعرفنا به، هذا أمر قد أمناه ولله الحمد * وأما من طريق النظر فان المقيم قد تكون اقامته إقامة معصية وظلم للمسلمين وعدوانا على الاسلام أشد من سفر المعصية، وقد يطيع المسافر في المعصية في بعض اعماله، وأولها الوضوء الذي يكون فيه المسح (3) المذكور الذي منعوه منه فمنعوه من المسح الذي هو طاعة وأمروه بالغسل الذي هو طاعة أيضا، وهذا فساد من القول جدا، وأطلقوا المسح للمقيم العاصي في اقامته * فان قالوا المسح رخصة ورحمة قلنا ما ما حجر على الله الترخيص للعاصي في بعض أعمال طاعته ولا رحمة الله تعالى له الا جاهل بالله تعالى، قائل بمالا علم له به، وكل سفر تقصر فيه الصلاة فيمسح فيه مسح سفر، وما لا قصر فيه (4) فهو حضر وإقامة، لا يمسح فيه (5) الا مسح المقيم وبالله تعالى التوفيق *
(٩٩)