قياس ولا قول صاحب، والمنع من المسح على الجوربين خطأ لأنه خلاف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف الآثار، ولم يخص عليه السلام في الاخبار التي ذكرنا خفين من غيرهم، والعجب أن الحنيفيين والمالكيين والشافعيين يشنعون ويعظمون مخالفة الصاحب إذا وافق تقليدهم! وهم قد خالفوا ههنا أحد عشر صاحبا، لا مخالف لهم من الصحابة ممن يجيز المسح، فيهم عمر وابنه وعلى وابن مسعود وخالفوا أيضا من لا يجيز المسح من الصحابة، فحصلوا على خلاف كل من روى عنه في هذه المسألة شئ من الصحابة رضي الله عنهم، وخالفوا السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس بلا معنى. وبالله تعالى التوفيق * وأما القائلون بالتوقيت في المسح من الصحابة رضي الله عنهم فروينا من طريق شعبة وابن المبارك عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي (1) قال:
شهدت سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر اختلفا في المسح، فمسح سعد ولم يمسح ابن عمر، فسألوا عمر بن الخطاب وأنا شاهد فقال عمر: امسح يومك وليلتك إلى الغد ساعتك * وعن شعبة عن عمران بن مسلم سمعت سويد بن غفلة قال بعثنا نباتة الجعفي إلى عمر بن الخطاب يسأله عن المسح على الخفين، قال فسأله فقال عمر: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة يمسح على الخفين والعمامة، وهذان اسنادان لا نظير لهما في الصحة والجلالة * وقد روينا ذلك أيضا من طريق سعيد بن المسيب وزييد (2) بن الصلت كلاهما عن عمر * ومن طريق سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم التيمي عن الحارث