فاحتج أبو حنيفة بالاخبار التي ذكرنا، وقال: لا يقع اسم أيام (1) إلا على عشرة وادعى بعضهم أنه لم يقل أحد إن الحيض أقل من ذلك * قال على أما قولهم: إن اسم أيام لا يقع على أكثر من عشرة (2) فكذب لا توجبه لغة ولا شريعة، وقد قال عز وجل: (فعدة من أيام أخر) وهذا يقع على ثلاثين يوما بلا خلاف، وحديث معاذ قد ذكرنا بطلانه وأما قولهم: انه لم يقل أحد ان أيام الحيض أقل من عشرة فهو كذب، وقد ذكرنا قول من قال: إن أيام الحيض ستة أو سبعة، وقول مالك أقل الحيض خمسة أيام، فحصل (3) قولهم دعوى بلا برهان وهذا باطل. وأما من حد ثلاثة عشر يوما فكذلك أيضا، وأما من قال خمسة عشر يوما فإنهم ادعوا الاجماع على أنه لا يكون حيض أكثر من ذلك * قال على: وهذا باطل، قد روى من طريق عبد الرحمن بن مهدي: أن الثقة أخبره أن امرأة كانت تحيض سبعة عشر يوما، ورويناه عن أحمد بن حنبل قال:
أكثر ما سمعنا سبعة عشر يوما، وعن نساء آل الماجشون أنهن كن يحضن سبعة عشر يوما * قال على: قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دم الحيض أسود فإذا رأته المرأة لم تصل، فوجب الانقياد لذلك، وصح أنها ما دامت تراه فهي حائض لها حكم الحيض ما لم يأت نص أو اجماع في دم أسود أنه ليس حيضا، وقد صح النص بأنه قد يكون دم أسود وليس حيضا، ولم يوقت لنا في أكثر عدة الحيض من شئ، فوجب أن نراعي أكثر ما قيل، فلم نجد إلا سبعة عشر يوما، فقلنا بذلك، وأوجبنا ترك الصلاة برؤية الدم الأسود هذه المدة - لا مزيد - فأقل، وكان ما زاد على ذلك اجماعا متيقنا أنه ليس حيضا * وقالوا: إن كان الحيض أكثر من خمسة عشر يوما فإنه يجب من ذلك أن يكون