وعن أم المؤمنين لما كان في ذلك حجة، لأنه قد خالفهما غيرهما من الصحابة على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، فكيف وإنما أفتت أم المؤمنين بذلك من لها أيام معهودة وبالله تعالى التوفيق، فسقط هذا القول وبالله تعالى التوفيق * ثم نظرنا في قول من قال: أقل الحيض يوم وليلة، فوجدناه أيضا لا حجة لهم من شئ من النصوص، فان ادعى مدع إجماعا في ذلك فهذا خطأ، لان الأوزاعي يقول: إنه يعرف امرأة تطهر عشية وتحيض غدوة، وأيضا فان مالكا والشافعي قد أوجبا برؤية دفعة من الدم ترك الصلاة وفطر الصائمة وتحريم الوطئ، وهذه أحكام الحيض، فسقط أيضا هذا القول. وبالله تعالى التوفيق * قال على: ثم نسألهم عمن رأت الدم في أيام حيضتها: بماذا تفتونها؟ فلا يختلف منهم أحد في أنها حائض ولا تصلى ولا تصوم (1)، فنسألهم: إن رأت الطهر إثرها؟
فكلهم يقول: تغتسل وتصلى، فظهر فساد قولهم، وكان يلزمهم إذا رأت الدم في أيام حيضتها ألا تفطر ولا تدع الصلاة والا يحرم وطؤها إلا حتى تتم يوما وليلة، في قول من يرى ذلك أقل الحيض، أو ثلاثة أيام بلياليها في قول من رأى ذلك أقل الحيض، فإذ لا يقولون بهذا ولا يقوله أحد من أهل الاسلام فقد ظهر فساد قولهم، وصح الاجماع على صحة قولنا. والحمد لله * وأيضا فان الآثار الصحاح كما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغتسلي وصلى) دون تحديد وقت، وهذا هو قولنا، وقد ذكرنا قبل - بأصح إسناد يكون - عن ابن عباس أنه أفتى إذا رأت الدم البحراني أن تدع الصلاة فإذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار فلتغتسل وتصلى * وأما أكثر مدة الحيض فان مالكا والشافعي قالا: أكثره خمسة عشر يوما لا يكون أكثر، وقال سعيد بن جبير: أكثر الحيض ثلاثة عشر يوما، وقال أبو حنيفة وسفيان: أكثره عشرة أيام *