قلت: لعله أراد من حيث كونه وسطا، فيكون الحكم للوسط لا له بخصوصه. وقال في الشرح وما ذكرنا من الخبر أنه (ص) اغتسل هو وعائشة من إناء واحد، تختلف أيديهما فيه، كل واحد يقول لصاحبه: إبق لي فظاهر حال النبي (ص) وأصحابه يمنع من اعتباره بالخل، لسرعة نفوذه وسرايته، فيؤثر قليله في الماء، والحديث دل على العفو عن اليسير مطلقا. فينبغي أن يرجع في ذلك إلى العرف، فما عد كثيرا منع وإلا فلا. وإن شك في كثرته لم يمنع، عملا بالأصل (أو كانا) أي المخلوطان (مستعملين فبلغا) بالخلط (قلتين) فهما باقيان على الاستعمال خلافا لابن عبدوس، (أو غير) الطاهر المخالط للطهور، وظاهر كلامه ولو مستعملا (أحد أوصافه) بأن غير (لونه، أو طعمه، أو ريحه، أو) غير (كثيرا من صفة) من صفاته، كلونه، أو طعمه، أو ريحه، فيسلبه الطهورية لأنه ليس بماء مطلق، ولان الكثير بمنزلة الكل. فأشبه ما لو غير كل الصفة.
و (لا) يسلبه الطهورية إن غير الطاهر المخالط (يسيرا منها) أي من صفة من صفاته (ولو) كان التغير اليسير من صفة (في غير الرائحة) كالطعم أو اللون، لما روت أم هانئ أن النبي (ص) اغتسل من قصعة فيها أثر العجين رواه أحمد وغيره. وعلم من كلامه أنه لو كان التغير اليسير من صفاته الثلاث أثر وكذا من صفتين، على ظاهر ما قدمه في الفروع.
ولعل المراد إذا كان اليسير من صفتين أو ثلاث يعدل الكثير من صفة واحدة، (ولا) يسلب الطهور طهوريته إذا خلط (بتراب) طهور (ولو وضع قصدا) لأنه طاهر مطهر كالماء، فإن كان مستعملا فكباقي الطاهرات، كما يدل عليه تعليلهم (ما لم يصر) الماء المخلوط بتراب طهور (طينا) فلا تصح الطهارة به لعدم إسباغه وسيلانه على الأعضاء (فإن صفي من التراب فطهور) مطهر لزوال المانع، (ولا) يصير الماء طاهرا بتغيره (بما ذكر في أقسام الطهور) كالمتغير بطول المكث أو ريح ميتة بجانبه، أو بما يشق صون الماء عنه كطحلب، وورق شجر، أو في مقره، أو ممره ونحوه، أو بمجاورة ميتة، أو بما لا يمازجه، كعود قماري، وقطع كافور، ودهن، وشمع ونحوه. (ويسلبه) أي الطهور الطهورية (استعماله) أي اليسير (في رفع حدث) أكبر أو أصغر، فهو طاهر، لأن النبي (ص) صب على جابر من وضوئه رواه