بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شرح صدورنا بالهداية إلى الاسلام، ووفقنا للتفقه في الدين وما شرعه من بديع محكم الاحكام، أحمده سبحانه وتعالى على جزيل الانعام، وأشكره أن علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم فأتقن وأحكم أي أحكام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والاكرام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للأنام، والهادي إلى سواء الصراط وإيضاح الحلال والحرام، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الكرام، صلاة وسلاما دائمين لا يعتريهما نقص ولا انثلام.
أما بعد: فإن أجل العلوم قدرا، وأعلاها فخرا، وأبلغها فضيلة، وأنجحها وسيلة، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه، والاطلاع على سر حلاله وحرامه، فلذلك تعينت إعانة قاصده، وتيسير موارده لرائده، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه، وفهم عباراته مبانيه، ولما رأيت الكتاب الموسوم " بالإقناع " تأليف الشيخ الامام، والحبر العمدة العلام، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدسي الحجاوي، ثم الصالحي الدمشقي. تغمده الله برحمته ورضوانه، وأسكنه الغرفات العليا من جنانه، في غاية حسن الوقع، وعظم النفع، لم يأت أحد بمثاله، ولا نسج ناسج على منواله، غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد، وطلبت من الله العناية والرشاد، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا، ولم أن في حلبة رهانة مجليا، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا، والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وسألت الله أن يمدني بذراف لطفه، ووافر عطفه، وسميته (كشاف القناع عن الإقناع) والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعاملنا بفضله، ومزجته بشرحه حتى صارا كالشئ الواحد لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة، لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة، وتتبعت أصوله التي أخذ منها كالمقنع والمحرر والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح