مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٣٣
على خمر، (أو أجل فاسد) كأن يكاتبه على نجم واحد، حكمها (كالصحيحة في استقلاله) أي المكاتب (بالكسب) فيتردد ويتصرف ليؤدي النجم، لأنه يعتق فيها بالأداء كالصحيحة. والأداء إنما يكون من الكسب، وليس لنا عقد فاسد يملك به كالصحيح إلا هذا.
تنبيه: قوله: فاسد يعود إلى الثلاث كما تقرر، واحترز به عن الشرط الصحيح كشرط العتق عند الأداء، وبالفاسدة عن الباطلة، وهي ما اختلت صحتها باختلال ركن من أركانها ككون صيغته مختلة، فإن فقد الايجاب أو القبول أو أحد العاقدين مكرها أو صبيا أو مجنونا، أو عقدت بغير مقصود كدم أو بما لا يتمول، فإن حكمها الالغاء إلا في تعليق معتبر ممن يصح تعليقه فلا تلغى فيه، فقد علم من ذلك الفرق بين الفاسدة والباطلة، وهما في العقود عندنا سواء إلا في مسائل قليلة استثنيت، منها هذه، ومنها الحج، ومنها العارية، ومنها الخلع. (و) الفاسدة كالصحيحة أيضا (في أخذ أرش الجناية عليه ومهر شبهة) في الأمة المكاتبة، لأنهما في معنى الاكتساب.
تنبيه: الشبهة مثال فالواجب بعقد من مسمى صحيح أو مهر مثل بسبب تسمية فاسدة كذلك كما قاله البلقيني.
(وفي أنه يعتق بالأداء) لسيده عند المحل لوجود الصفة، لأن مقصود الكتابة العتق، وهو لا يبطل في التعليق بفاسد، وبهذا خالفت البيع وغيره من العقود. (و) في أنه (يتبعه) إذا عتق (كسبه) الحاصل بعد التعليق، لأنها جعلت كالصحيحة في العتق فكذا في الكسب.
تنبيه: ولد المكاتب من جاريته ككسبه، لكن لا يجوز بيعه، لأنه يتكاتب عليه، فإذا عتق تبعه وعتق عليه.
ويتبع المكاتبة كتابة فاسدة ولدها على المذهب كالكسب. وقضية كلام المصنف أن الفاسدة كالصحيحة فيما ذكره فقط، وليس مرادا، بل هي كالصحيحة أيضا في أن نفقته تسقط عن السيد إذا استقل بالكسب بخلاف الفطرة كما سيأتي.
(و) الكتابة الفاسدة (كالتعليق) بصفة (في حكمه، وهو أنه) أي المكاتب فيها (لا يعتق بإبراء) عن النجوم لعدم حصول الصفة. وفارق ذلك الكتابة بالصحيحة، لأن المغلب على عقدها المعاوضة، وحكم الاستيفاء والابراء في المعاوضات واحد.
تنبيه: لا يختص ذلك بالابراء، بل لو أدى الغير عنه تبرعا أو عجل المكاتب النجوم كان الحكم كذلك لما مر.
(و) في أن الكتابة (تبطل بموت سيده) قبل الأداء لعدم حصول المعلق عليه فلا يعتق بالأداء إلى الوارث. وإنما بطلت الفاسدة بموت السيد لأنها جائزة من الجانبين بخلاف الصحيحة، نعم إن قال: إن أديت إلي أو إلى وارثي بعد موتي كذا فأنت حر فإنها حينئذ لا تبطل بموت السيد بل يعتق بالأداء إلى الوارث كما جزم به في أصل الروضة.
تنبيه: إنما ذكر المصنف حكم موت السيد دون العبد لأن الفاسدة توافق الصحيحة حيث تنفسخ الكتابة بموته فيهما، لأن مورد العقد الرقبة وقد فاتت. (و) في أنه (تصح الوصية برقبته) وإن ظن السيد صحة كتابته، كما لو باع ملكه ظانا أنه لغيره بخلاف الصحيحة، فإنه إذا أوصى برقبته لم تصح. نعم إن علق الوصية على عجزه صحت في الأصح.
(و) في أنه (لا يصرف إليه من سهم المكاتبين) لأنها غير لازمة، والقبص فيها غير موثوق به.
تنبيه: لا تنحصر المخالفة فيما ذكره بل تخالف الفاسدة الصحيحة في أشياء غير ذلك: منها صحة إعتاقه في الكفارة. ومنها عدم وجوب الأرش على سيده إذا جنى عليه. ومنها أن للسيد منع الزوج من تسليمها نهارا كالقنة.
ومنها أن له منعه من صوم الكفارة إذا حلف بغير إذنه وكان يضعفه الصوم. ومنها أنه لا تنقطع زكاة التجارة فيه فيخرج عنه زكاتها، لتمكنه من التصرف فيه. ومنها أن له منعه من الاحرام وتحليله إذا أحرم بغير إذنه، وله أن يتحلل. ومنها جواز وطئ الأمة. ومنها أن لا يوكل السيد من يقبض النجوم ولا العبد من يؤديها عنه، رعاية للتعليق
(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548