بها تحسب من الثلث، لأن هذا إتلاف حصل بالاستمتاع فأشبه إنفاق المال في الملذات والشهوات.
خاتمة: لو وطئ شريكان أمة لهما وأتت بولد وادعيا استبراء وحلفا فلا نسب ولا استيلاد، وإن لم يدعيا فله أحوال، أحدها: أن لا يمكن كونه من أحدهما بأن ولدته لأكثر من أربع سنين من وطئ الأول ولاقل من ستة أشهر من وطئ الثاني، أو لأكثر من أربع سنين من آخرهما وطأ فكما لو ادعيا الاستبراء، الحال الثاني: أن يمكن كونه من الأول دون الثاني، بأن ولدته لما بين أقل من مدة الحمل وأكثرها من وطئ الأول ولما دون أقل مدة الحمل من وطئ الثاني فيلحق بالأول ويثبت الاستيلاد في نصيبه، ولا سراية إن كان معسرا ويسري إن كان موسرا. الحال الثالث: أن يمكن أن يكون من الثاني دون الأول بأن ولدته لأكثر من أربع سنين من وطئ الأول ولما بين ستة أشهر وأربع سنين من وطئ الثاني فيلحق بالثاني ويثبت الاستيلاد في نصيبه، ولا سراية إن كان معسرا وإن كان موسرا سرى.
الحال الرابع: أن يمكن كونه من كل واحد بأن ولدته لما بين ستة أشهر وأربع سنين من وطئ كل واحد منهما وادعياه أو أحدهما فيعرض على القائف، فإن تعذر أمر بالانتساب إذا بلغ، وإن أتت لكل واحد منهما بولد وهما موسران وادعى كل منهما أن إيلاده قبل إيلاد الآخر لها ليسري إيلاده إلى بقيتها، فإن حصل اليأس من بيان القبلية عتقت بموتها لاتفاقهما على العتق، ولا يعتق بعضها بموت أحدهما لجواز كونها مستولدة للآخر، ونفقتها في الحياة عليهما، ويوقف الولاء بين عصبتيهما لعدم المرجح. وإن كانا معسرين يثبت الاستيلاد لكل واحد في قدر نصيبه، فإذا مات أحدهما عتق نصيبه وأولاده لعصبته، فإذا ماتا عتقت كلها والولاء لعصبتهما بالسوية، وإن كان أحدهما موسرا فقط ثبت إيلاده في نصيبه والنزاع في نصيب المعسر فنصف نفقتها على المعسر ونصفها الآخر بينهما. ثم إن مات الموسر أولا عتق نصيبه وولاؤه لعصبته، فإذا مات المعسر بعده عتق نصيبه ووقف ولاؤه بين عصبتهما، وإن مات المعسر أولا لم يعتق منها شئ، فإذا مات الموسر بعده عتقت كلها وولاء نصفها لعصبته ووقف ولاء النصف الآخر. أما لو ادعى كل منهما سبق الآخر وهما موسران أو أحدهما موسر فقط، ففي الروضة كأصلها عن البغوي: يتحالفان ثم ينفقان عليها، فإذا مات أحدهم في الصورة الأولى لم يعتق نصيبه لاحتمال صدقه وعتق نصيب الحي لاقراره ووقف ولاؤه، فإذا مات عتقت كلها ووقف ولاء الكل. وإذا مات الموسر في الثانية أولا عتقت كلها نصيبه بموته وولاؤه لعصبته ونصيب المعسر بإقراره ووقف ولاؤه. وإن مات المعسر أولا لم يعتق منها شئ لاحتمال سبق الموسر، فإذا مات الموسر عتقت كلها وولاء نصيبه لعصبته وولاء نصيب المعسر موقوف. ولو كانا معسرين فكما لو ادعى كل منهما أنه أولدها قبل استيلاد الآخر لها، وقد تقدم حكمه، والعبرة باليسار والاعسار بوقت الاحبال. ولو عجز السيد عن نفقة أم ولده أجبر على تخليتها لتكسب وتنفق على نفسها أو على إيجارها، ولا يجبر على عتقها أو تزويجها، كما لا يرتفع ملك اليمين بالعجز عن الاستمتاع، فإن عجزت عن الكسب فنفقتها في بيت المال كما مر في النفقات، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
وهذا آخر ما يسره الله تعالى من مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج فدونك مولفا كأنه سبيكة عسجد أو در منضد، محررا لدلائل هذا الفن، مظهرا لدقائق استعملنا الفكر فيها إذا الليل جن، فإن ظفرت بفائدة فادع بالتجاوز والمغفرة، أو بزلة قلم أو لسان فافتح لها باب التجاوز والمعذرة:
فلا بد من عيب فإن تجدنه * فسامح وكن بالستر أعظم مفضل فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له * المحاسن قد تمت، سوى خير مرسل فأسأل الله الكريم الذي به الضر والنفع، ومنه الاعطاء والمنع، أن يجعله لوجهه خالصا، وأن يتداركني بألطافه إذا الظل أضحى في القيامة قالصا، وأن يخفف عني كل تعب ومؤنة، وأن يمدني بحسن المعونة، وأن يرحم ضعفي كما علمه، وأن يحشرني في زمرة من رحمه، أنا ووالدي وأولادي وأقاربي ومشايخي وأحبابي وأحبائي وجميع المسلمين، بمحمد وآله وصحابته أجمعين.
ونختم هذا الشرح بما ختم به الرافعي كتابه المحرر بقوله: اللهم كما ختمنا بالعتق كتابنا، نرجو أن تعتق من النار رقابنا، وأن تجعل إلى الجنة مآبنا، وأن تسهل عند سؤال الملكين جوابنا، وإلى رضوانك إيابنا. اللهم بفضلك حقق رجاءنا، ولا تخيب دعاءنا، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.