مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥٢٩
تنبيه: يمهل لاحضار دين حال على ملئ مقر أو عليه بينة حاضرة وإحضار مال مودع. (ولو حل النجم وهو) أي المكاتب (غائب) ولو بإذن السيد، أو غاب بعد حلوله بغير إذن، (فللسيد الفسخ) للكتابة لتقصيره بالغيبة بعد المحل، والاذن قبله لا يستلزم الاذن له في استمرارها إلى ما بعده. ويفسخ بنفسه ويشهد لئلا يكذبه المكاتب، وله الفسخ بالحاكم نظير ما مر في الفسخ لعجز بعد إقامة البينة بالكتابة بحلول النجم والتعذر لتحصيل النجم، وحلف السيد أنه ما قبض ذلك منه ولا من وكيله ولا أبرأه منه ولا أنظره فيه كما نص عليه الشافعي والعراقيون ولا يعلم له مال حاضر، لأن ذلك قضاء على غائب. والتحليف المذكور نقله في أصل الروضة عن الصيدلاني وأقره، وهو المعتمد، وإن قال الأذرعي إنه غريب.
تنبيه: قال في المطلب: لم أر لهم تعرضا لحد هذه الغيبة، والأشبه أنه لا فرق بين القريبة والبعيدة. وقيدها في الكفاية بمسافة القصر. قال الزركشي: وهو قياس تنزيل غيبته كغيبة المال. وقال شيخنا: والقياس فوق مسافة العدوي اه‍. والأوجه ما في الكفاية. (فلو كان له مال حاضر فليس للقاضي الأداء) للنجم (منه) ويمكن القاضي السيد من الفسخ. وإن علق المكاتب عن حضوره مرض أو خوف في الطريق، لأنه ربما عجز نفسه لو كان حاضرا أو لم يؤد المال وربما فسخ الكتابة في غيبته. فإن قيل: قال الأسنوي: وهذا مع القول بتحليفه لا يجتمعان. أجيب بأن المراد من قولهم يمكن القاضي السيد، أي لا يعترضه، فلا ينافي ما تقدم من التحليف، لأن القاضي إذا وفى أو أذن فيه يحتاط كما قالوا في الحاضنة يكفي فيها العدالة الظاهرة. فإن وقع نزاع في الأهلية فلا بد من ثبوتها عند القاضي كما أفتى به المصنف. ولو أنظره السيد بعد حلول النجم وسافر بإذنه ثم ندم على إنظاره لم يفسخ في الحال لأن المكاتب غير مقصر، وربما اكتسب في السفر ما يفي بالواجب عليه، فلا يفسخ سيده حتى يعلمه بالحال، بل بكتاب من قاضي بلد سيده إلى قاضي بلده، فإن عجز نفسه كتب به قاضي بلده إلى قاضي بلد السيد ليفسخ إن شاء، فإن لم يكن ببلد السيد قاض وبعث السيد إلى المكاتب من يعلمه بالحال ويقبض منه النجوم فهل هو ككتاب القاضي فيأتي فيه ما مر؟
فيه خلاف، والأوجه كما قال شيخنا الأول، وهو ما اختاره ابن الرفعة والقمولي. (ولا تنفسخ) الكتابة (بجنون المكاتب) كتابة صحيحة، لأن ما كان لازما من أحد الطرفين لا ينفسخ بجنون أحد المتعاقدين كالرهن، وإنما ينفسخ به العقود الجائزة من الطرفين كالوكالة والقراض.
تنبيه: لو أراد السيد فسخها حال جنون المكاتب لم يفسخ بنفسه، بل يشترط أن يأتي الحاكم ويقيم البينة بجميع ما مر فيما إذا أراد الفسخ على الغائب. (و) حينئذ (يؤدي القاضي إن وجد له مالا) ليعتق، لأن المجنون ليس أهلا للنظر لنفسه فناب الحاكم عنه، بخلاف المكاتب الغائب كما مر.
تنبيه: محل تأدية القاضي عنه إذا رأى له مصلحة في الحرية كما قاله الغزالي، فإن رأى أنه يضيع بها لم يؤد.
قال في أصل الروضة: وهذا حسن، لكنه قليل النفع مع قولنا إن السيد إذا وجد ماله له أن يستقل بأخذه، إلا أن يقال : إن الحاكم يمنعه من الاخذ والحالة هذه، أي فلا يستغل بالأخذ. فإن لم يجد له القاضي مالا فسخ السيد بإذن القاضي وعاد بالفسخ قنا له. فإن أفاق من جنونه وظهر له مال كأن حصله من قبل الفسخ دفعه إلى السيد ونقض التعجيز وعتق.
قال في أصل الروضة: كذا أطلقوه، وأحسن الإمام إذا خص نقض نقض التعجيز بما إذا ظهر المال بيد السيد وإلا فهو ماض، لأنه فسخ حين تعذر حقه فأشبه ما لو كان ماله غائبا فحضر بعد للفسخ اه‍. قال في الخادم: وهذا مع مصادمته لاطلاقهم مصادم لنص الشافعي، والفرق أنه لا تقصير من الحاكم عند غيبة المال ثم حضوره، بخلاف وجوده بالبلد.
وإذا قلنا يعتق يطالبه السيد بما أنفق عليه قبل نقض التعجيز، لأنه لم يتبرع عليه به، وإنما أنفق عليه على أنه عبده.
قال الأذرعي: وقيده الدارمي بما إذا أنفق عليه بأمر الحاكم، وهو ظاهر بل متعين. نعم إن علم أن له مالا فلا يطالبه
(٥٢٩)
مفاتيح البحث: المرض (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548