مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٥١٥
(الصحة) والمرض بأن لم يقيده به (فوجدت) تلك الصفة (في المرض فمن رأس المال) يكون العتق (في الأظهر) اعتبارا بحالة التعليق، لأنه لم يكن متهما بإبطال حق الورثة. والثاني: يكون العتق من الثلث اعتبارا بوقت وجود الصفة.
تنبيه: محل الخلاف إذا وجدت الصفة بغير اختياره كنزول المطر، فإن وجدت باختياره كدخول الدار اعتبر من الثلث جزما، لأنه اختار العتق في مرضه، قاله الرافعي تفقها، وصرح به الماوردي.
فرع: لو علق عتق رقيقه بمرض مخوف فمرض وعاش عتق من رأس المال، وإن مات منه فمن الثلث. ولو علق عتقه بصفة وهو مطلق التصرف فوجدت بغير اختياره وهو محجور عليه بفلس عتق اعتبارا بحال التعليق، أو باختياره فلا. ولو وجدت الصفة وهو مجنون أو محجور عليه بسفه عتق بلا خلاف، ذكره البغوي، وفرق بأن حجر المرض والفلس لحق الغير، وهو الورثة والغرماء، بخلاف السفه والجنون. ولو مات سيد المدبر وماله غائب أو على معسر لم يحكم بعتق شئ منه حتى يصل للورثة من الغائب مثلا. فيتبين عتقه من الموت ويوقف كسبه، فإن استغرق التركة دين وثلثها يحتمل المدبر فأبرئ من الدين تبين عتقه وقت الابراء. (ولو ادعى عبده التدبير فأنكره) سيده، (فليس) إنكاره له (برجوع) عن التدبير ولو قلنا بجواز الرجوع بالقول، كما أن جحود الردة لا يكون إسلاما وجحوده الطلاق لا يكون رجعة، (بل يحلف) السيد أنه ما دبره لاحتمال أن يقر، ولا يتعين اليمين، بل له أن يسقط اليمين عن نفسه بأن يقول: إن كنت دبرته فقد رجعت إن جوزنا الرجوع بالقول. فإن نكل حلف العبد وثبت تدبيره. وله أيضا أن يقيم البينة بتدبيره. (ولو وجد) بعد موت السيد (مع مدبر مال) أو نحوه في يده فتنازع هو والوارث فيه، (فقال) المدبر: (كسبته بعد موت السيد وقال الوارث): بل كسبته (قبله، صدق المدبر بيمينه) لأن اليد له فترجح، وهذا بخلاف ولد المدبرة إذا قالت ولدته بعد موت السيد فهو حر، وقال الوارث: بل قبله فهو قن، فإن القول قول الوارث لأنها تزعم حريته، والحر لا يدخل تحت اليد. (وإن أقاما) أي المدبر والوارث (بينتين) بما قالاه، (قدمت بينته) أي المدبر على النص وقطع به لاعتضادها باليد. ولو أقام الوارث بينة أن المال كان في يده قبل عتقه فقال: كان في يدي وديعة لرجل وملكته بعد العتق صدق بيمينه أيضا. ولو دبر رجلان أمتهما وأتت بولد وادعاه أحدهما لحقه وضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف مهرها وصارت أم ولد له وبطل التدبير وإن لم يأخذ شريكه نصف قيمتها، لأن السراية لا تتوقف على أخذها كما مر، وما في الروض كأصله أن من أخذ القيمة رجوع في التدبير مبني على ضعيف، وهو أن السراية تتوقف على أخذ القيمة، ويلغو رد المدبر التدبير في حياة السيد وبعد موته كما في المعلق عتقه بصفة.
خاتمة: لو دبر السيد عبدا ثم ملكه أمة فوطئها فأتت بولد ملكه السيد سواء أقلنا أن العبد يملك أم لا، ويثبت نسبه من العبد ولا حد عليه للشبهة. ولو قال لامته: أنت حرة بعد موتي بعشر سنين مثلا لم تعتق إلا بمضي تلك المدة من حين الموت، ولا يتبعها ولدها في حكم الصفة إلا إن أتت به بعد موت السيد ولو قبل مضي المدة فيتبعها في ذلك فيعتق من رأس المال كولد المستولدة، بجامع أن كلا منهما لا يجوز إرقاقها. ويؤخذ من القياس أن محل ذلك إذا علقت به بعد الموت. ولو قال لعبده: إذا قرأت القرآن ومت فأنت حر، فإن قرأ القرآن قبل موت سيده عتق بموته، وإن قرأ بعضه لم يعتق بموت السيد. وإن قال: إن قرأت قرآنا ومت فأنت حر فقرأ بعض القرآن ومات السيد عتق. والفرق التعريف والتنكير، كذا نقله الرافعي عن النص. قال الدميري: والصواب ما قال الإمام في المحصول أن القرآن يطلق على القليل والكثير، لأنه اسم جنس كالماء والعسل لقوله تعالى: * (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) * وهذا الخطاب كان بمكة بالاجماع، لأن السورة مكية، وبعد ذلك نزل قرآن كثير.
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548