مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٦٢
خلاف من أوجبه كما قاله الماوردي، أو يوما آخر شكرا لله تعالى كما قاله الرافعي. (أو) قدم زيد (نهارا وهو) أي الناذر (مفطر أو صائم قضاء أو نذرا وجب) في الأحوال المذكورة (يوم آخر) قضاء (عن هذا) المنذور وهو صوم يوم قدوم زيد، كما لو نذر صوم يوم ففاته، ويسن قضاء الصوم الواجب الذي هو فيه أيضا، لأنه بان أنه صام يوما مستحق الصوم لكونه يوم قدوم زيد، وللخروج من الخلاف. قال الرافعي في التهذيب: وفي هذا دليل على أنه إذا نذر صوم يوم بعينه ثم صامه عن نذر آخر أو قضاء ينعقد: أي مع الاثم ويقتضي نذر هذا اليوم.
تنبيه: دخل في قوله مفطر إفطاره بتناوله مفطرا، أو بعدم النية من الليل. نعم إن أفطر لجنون طرأ عليه فلا قضاء كما قاله الماوردي وغيره، وإذا أوجبنا عليه القضاء هل يتبين وجوب الصوم من أول يوم القدوم وأنه إنما وجب من وقت القدوم ولا يمكن قضاؤه إلا بيوم كامل؟. الأصح الأول. وفائدة الخلاف تظهر في صور منها ما لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم نهارا، لكن الأصح هنا يلزمه اعتكاف بقية النهار وإن اقتضى ما ذكر لزوم يوم وتبين وقوع العتق والطلاق المعلق كل منهما بقدومه من أول اليوم فإن سبق فيه بيع العبد في الأولى وموت أحد الزوجين في الثانية قبل قدوم زيد فالبيع باطل في الأولى لتبين حرية العبد، ولا إرث إن كان الطلاق المعلق بائنا، فإن قدم ليلا أو بعد اليوم صح ما ذكر، خرج بقوله: قضاء أو نذرا ما لو صامه عن القدوم بأن تبين له أنه يقدم غدا بخبر ثقة مثلا فبيت الصوم والأصح الاجزاء لبنائه على أصل مظنون. (أو) قدم زيد (وهو) أي الناذر (صائم نفلا) وقدوم زيد قبل الزوال (فكذلك) يجب صوم يوم آخر عن نذره في الأصح، لأنه لم يأت بالواجب عليه بالنذر، والنفل لا يقوم مقام الفرض، وهذا بناء على الأصح في لزوم الصوم من أول النهار (وقيل) لا، بل (يجب تتميمه) بقصد كونه عن النذر (ويكفيه) عن نذره بناء على أن لزوم الصوم من وقت قدومه، ويكون أوله تطوعا وآخره فرضا كمن دخل في صوم تطوع ثم نذر إتمامه (ولو قال إن قدم زيد فلله علي صوم اليوم التالي ليوم قدومه، وإن قدم عمرو فلله علي صوم أول خميس بعده) أي بعد قدومه (فقدما) أي زيد وعمرو (في الأربعاء وجب صوم الخميس عن أول النذرين) لسبقه (ويقضي الآخر) لتعذر الاتيان به في وقته، فلو صام الخميس عن النذر الثاني أثم وصح في الأصح لما مر أنه يصح صوم يوم النذر عن غيره ويقضي يوما آخر من النذر الآخر، وكلام المصنف يقتضي خلافه.
تنبيه: لو قال إن قدم زيد فلله علي أن أصوم أمس قدومه صح نذره على المذهب المجموع، هكذا نقله ابن شهبة، ونقل شيخنا أنه قال: لم يصح على المذهب، ثم قال: ما نقل عنه من أنه قال يصح نذره على المذهب سهو اه‍. ولعل نسخه مختلفة، وبالجملة فالمعتمد الصحة، لأنه قد يعلم بأخبار ثقة مثلا كما مر. قال الأذرعي: كلام الأئمة ناطق بأن هذا النذر المعلق بالقدوم نذر شكر على نعمة القدوم، فلو كان قدومه لغرض فاسد للناذر كامرأة أجنبيه يهواها أو أمرد يعشقه أو نحوهما فالظاهر أنه لا ينعقد كنذر المعصية، وهذا كما قال شيخنا سهو منشؤه اشتباه الملتزم به بالمعلق والذي يشط كونه قربة الملتزم لا المعلق به والملتزم هنا الصوم، وهو قربة فيصح نذره، سواء أكان المعلق به قربة أم لا.
فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها مما يأتي. إذا (نذر المشي إلى بيت الله) تعالى وقصد البيت الحرام، وهو الكعبة أو صرح بلفظ الحرام في هذه المسألة والتي بعدها كما في الروضة (أو) لم ينذر المشي لبيت الله بل نذر (إتيانه) فقط (فالمذهب وجوب إتيانه بحج أو عمرة) لأن الله تعالى أوجب قصده بنسك فلزم بالنذر كسائر
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548