خلاف من أوجبه كما قاله الماوردي، أو يوما آخر شكرا لله تعالى كما قاله الرافعي. (أو) قدم زيد (نهارا وهو) أي الناذر (مفطر أو صائم قضاء أو نذرا وجب) في الأحوال المذكورة (يوم آخر) قضاء (عن هذا) المنذور وهو صوم يوم قدوم زيد، كما لو نذر صوم يوم ففاته، ويسن قضاء الصوم الواجب الذي هو فيه أيضا، لأنه بان أنه صام يوما مستحق الصوم لكونه يوم قدوم زيد، وللخروج من الخلاف. قال الرافعي في التهذيب: وفي هذا دليل على أنه إذا نذر صوم يوم بعينه ثم صامه عن نذر آخر أو قضاء ينعقد: أي مع الاثم ويقتضي نذر هذا اليوم.
تنبيه: دخل في قوله مفطر إفطاره بتناوله مفطرا، أو بعدم النية من الليل. نعم إن أفطر لجنون طرأ عليه فلا قضاء كما قاله الماوردي وغيره، وإذا أوجبنا عليه القضاء هل يتبين وجوب الصوم من أول يوم القدوم وأنه إنما وجب من وقت القدوم ولا يمكن قضاؤه إلا بيوم كامل؟. الأصح الأول. وفائدة الخلاف تظهر في صور منها ما لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد فقدم نهارا، لكن الأصح هنا يلزمه اعتكاف بقية النهار وإن اقتضى ما ذكر لزوم يوم وتبين وقوع العتق والطلاق المعلق كل منهما بقدومه من أول اليوم فإن سبق فيه بيع العبد في الأولى وموت أحد الزوجين في الثانية قبل قدوم زيد فالبيع باطل في الأولى لتبين حرية العبد، ولا إرث إن كان الطلاق المعلق بائنا، فإن قدم ليلا أو بعد اليوم صح ما ذكر، خرج بقوله: قضاء أو نذرا ما لو صامه عن القدوم بأن تبين له أنه يقدم غدا بخبر ثقة مثلا فبيت الصوم والأصح الاجزاء لبنائه على أصل مظنون. (أو) قدم زيد (وهو) أي الناذر (صائم نفلا) وقدوم زيد قبل الزوال (فكذلك) يجب صوم يوم آخر عن نذره في الأصح، لأنه لم يأت بالواجب عليه بالنذر، والنفل لا يقوم مقام الفرض، وهذا بناء على الأصح في لزوم الصوم من أول النهار (وقيل) لا، بل (يجب تتميمه) بقصد كونه عن النذر (ويكفيه) عن نذره بناء على أن لزوم الصوم من وقت قدومه، ويكون أوله تطوعا وآخره فرضا كمن دخل في صوم تطوع ثم نذر إتمامه (ولو قال إن قدم زيد فلله علي صوم اليوم التالي ليوم قدومه، وإن قدم عمرو فلله علي صوم أول خميس بعده) أي بعد قدومه (فقدما) أي زيد وعمرو (في الأربعاء وجب صوم الخميس عن أول النذرين) لسبقه (ويقضي الآخر) لتعذر الاتيان به في وقته، فلو صام الخميس عن النذر الثاني أثم وصح في الأصح لما مر أنه يصح صوم يوم النذر عن غيره ويقضي يوما آخر من النذر الآخر، وكلام المصنف يقتضي خلافه.
تنبيه: لو قال إن قدم زيد فلله علي أن أصوم أمس قدومه صح نذره على المذهب المجموع، هكذا نقله ابن شهبة، ونقل شيخنا أنه قال: لم يصح على المذهب، ثم قال: ما نقل عنه من أنه قال يصح نذره على المذهب سهو اه. ولعل نسخه مختلفة، وبالجملة فالمعتمد الصحة، لأنه قد يعلم بأخبار ثقة مثلا كما مر. قال الأذرعي: كلام الأئمة ناطق بأن هذا النذر المعلق بالقدوم نذر شكر على نعمة القدوم، فلو كان قدومه لغرض فاسد للناذر كامرأة أجنبيه يهواها أو أمرد يعشقه أو نحوهما فالظاهر أنه لا ينعقد كنذر المعصية، وهذا كما قال شيخنا سهو منشؤه اشتباه الملتزم به بالمعلق والذي يشط كونه قربة الملتزم لا المعلق به والملتزم هنا الصوم، وهو قربة فيصح نذره، سواء أكان المعلق به قربة أم لا.
فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها مما يأتي. إذا (نذر المشي إلى بيت الله) تعالى وقصد البيت الحرام، وهو الكعبة أو صرح بلفظ الحرام في هذه المسألة والتي بعدها كما في الروضة (أو) لم ينذر المشي لبيت الله بل نذر (إتيانه) فقط (فالمذهب وجوب إتيانه بحج أو عمرة) لأن الله تعالى أوجب قصده بنسك فلزم بالنذر كسائر