مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٤
تنبيه: محل الخلاف ما إذا لم يعلم له يمين ماضية وإلا قبل قوله في إرادتها قطعا. (ولو قال) شخص (لغيره أقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن) كذا (وأراد يمين نفسه فيمين) لاشتهاره في ألسنة حملة الشرع، ويسن للمخاطب إبراره فيهما إن لم يتضمن الأبرار ارتكاب محرم أو مكروه، فإن لم يبره فالكفارة على الحالف (وإلا) بأن أراد يمين المخاطب أو لم يرد يمينا، بل التشفع إليه أو أطلق (فلا) يكون يمينا في الصور الثلاث، لأنه لم يحلف هو ولا المخاطب ويحمل على الشفاعة في فعله، ويكره السؤال بوجه الله، ورد السائل به لحديث: لا يسئل بوجه الله إلا الجنة وخبر: من سأل بالله تعالى فأعطوه.
فروع: لو حلف شخص بالله، فقال: آخر يمين في يمينك أو يلزمني ما يلزمك، لم يلزمه شئ وإن نوى به اليمين لخلو ذلك عن اسم الله تعالى وصفة من صفاته، وإن قال: اليمين لازمة لي لم يلزمه شئ، وإن نوى لما مر، وإن قال:
أيمان البيعة لازمة لي وهي بيعة الحجاج، فإن البيعة كانت على عهد رسول الله (ص) بالمصافحة فلما ولى الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اسم الله تعالى وعلى الطلاق والعتاق والحج والصدقة لم يلزمه شئ وإن نوى، لأن الصريح لم يوجد والكناية تتعلق بما يتضمن إيقاعا، وأما في الالتزام فلا، إلا أن ينوي الطلاق والعتاق فيلزمه لأن للكناية مدخلا فيهما، ولو قال: إن فعلت كذا فأيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتاقها وحجها وصدقتها. ففي التتمة أن الطلاق لا حكم له لأنه لا يصح التزامه، والباقي يتعلق به الحكم إلا أنه في الحج والصدقة كنذر اللجاج والغضب. وقول الحالف لاها الله - بالمد والقصر - كناية إن نوى به اليمين فيمن وإلا فلا، وإن كان مستعملا في اللغة لعدم اشتهاره. وقوله: وأيم الله بضم الميم أشهر من كسرها ووصل الهمزة ويجوز قطعها، وأيمن الله كذلك، وإنما لم يكن كل منهما يمينا إذا أطلق لأنه وإن اشتهر في اللغة وورد في الخبر لا يعرفه إلا الخواص. وقوله لعمر الله والمراد منه البقاء والحياة كذلك، وإنما لم يكن صريحا لأنه يطلق مع ذلك على العبادات. وقوله: على عهد الله وميثاقه وأمانته وذمته وكفالته كل منها كذلك. سواء أضاف المعطوفات إلى الضمير كما مثل أم إلى الاسم الظاهر. والمراد بعهد الله إذا نوى به اليمين استحقاقه لايجاب ما أوجبه علينا وتعبدنا به، وإذا نوى به غير العبادات التي أمرنا بها، وقد فسر بها الأمانة في قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة) * فإن نوى اليمين بالكل انعقدت يمين واحدة، والجمع بين الألفاظ أكيد، فلا يتعلق بالحنث فيها إلا كفارة واحدة، ولو نوى بكل لفظ يمينا كان يمينا ولم يلزمه إلا كفارة واحدة كما لو حلف على الفعل الواحد مرارا. (ولو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي) أو نصراني أو مستحل الخمر (أو برئ من الاسلام) ونحو ذلك كقوله: برئ من الله أو من رسوله أو من الكعبة (فليس بيمين) لخلوه عن ذكر اسم الله تعالى وصفته، ولا كفارة عليه في الحنث به والحلف بذلك معصية والتلفظ به حرام كما قاله المصنف في الأذكار هذا إذا قصد بذلك تبعيد نفسه عن ذلك المحلوف عليه، أما لو قال ذلك على قصد الرضا بالتهود وما في معناه إذا فعل ذلك الفعل كفر في الحال، فإن لم يعرف قصده لموت أو غيبة وتعذرت مراجعته، ففي المهمات: القياس تكفيره إذا عري عن القرائن الحاملة على غيره، لأن اللفظ بوضعه يقتضيه، وكلام الأذكار يقتضي خلافه اه‍. والأوجه ما في الأذكار. قال في زيادة الروضة: قال الأصحاب: وإذا لم نكفره استحب له أن يستغفر الله تعالى ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله اه‍. ولا يحالف ذلك ما في الصحيحين: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله فإنه محمول على الندب، وإن قال صاحب الاستقصاء بوجوب ذلك وتجب التوبة من كل معصية، ويسن الاستغفار من كل تكلم بكلام قبيح. ويشترط في انعقاد اليمين كون الحالف قاصدا معناه (و) حينئذ (من سبق لسانه إلى لفظها) أي اليمين (بلا قصد) لمعناها (لم تنعقد) يمينه لقوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان) *. أي قصدتم بدليل الآية الأخرى * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) * ولغو اليمين كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها قول الرجل لا والله وبلى
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548