ولدا كما ذكره الشيخان في كتاب الوقت (وله) أي المضحي (أكل كله) قياسا على اللبن، وهذا تبع فيه المحرر ونقله الرافعي عن ترجيح الغزالي وقال في زيادة الروضة إنه الأصح. قال ابن شهبة: وإنما يصح إذا قلنا يجوز الاكل من الواجبة، وقد مر أن المذهب منع الاكل منها، وقال الغزالي ممن يجوز الاكل من المعينة، فلهذا جوز أكل جميع الولد، فإذا المجزوم به في الكتاب مفرع على مرجوح اه. والأوجه ما في الكتاب، إذ لا يلزم من تحريم الاكل من الأضحية الواجبة منع أكل ولدها، لأن التصدق إنما يجب بما يقع عليه اسم الأضحية والولد لا يسمى أضحية لنقص سنه وإنما لزم ذبحه تبعا، ولا يلزم أن يعطى التابع حكم المتبوع من كل وجه، وكما يجوز للموقوف عليه أكل الولد ولا يكون وقفا كذلك هذا يجوز أكله ولا تجري عليه أحكام الأضحية، وقيل يكفي التصدق من إحداهما، وقيل يجب التصدق ببعضه وصححه الروياني. أما ولد الأضحية المتطوع بها فيجوز أكله كما علم من ذلك بطريق الأولى، فإن كان الولد ولد هدي وعجز عن المشي فيحمله على الام أو غيرها ليبلغ الحرم، وقد فعله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كما رواه مالك بإسناد صحيح (و) له (شرب فاضل لبنها) عن ولدها مع الكراهة كما قاله الماوردي. ويدل للجواز قوله تعالى (لكم فيها منافع) قال النخعي: إن احتاج إلى ظهرها ركب، وإن حلب لبنها شرب، وله سقي غيره بلا عوض، ولو تصدق به كان أفضل كما قاله الشافعي والأصحاب، ولا يجوز بيعه قطعا.
تنبيه: قضية كلامه فرض المسألة في الواجبة، ولذا صورها في المجموع بالمنذورة، ثم استشكله في نكت التنبيه بأن ملكه قد زال عنها فكيف يشربه بغير إذن مالكه، والمنقول في الكفاية أنه لا فرق بين الواجبة وغيرها، وفرق من منع أكل ولد الواجبة بينه وبين شرب اللبن بأن بقاء اللبن معها يضرها، وبأن اللبن يستخلف مع الأوقات فما يتلفه يعود فيسامح به، وبأنه لو جمعه لفسد. (ولا تضحية لرقيق) كله قنا أو مدبرا أو أم ولد، لأنه لا يملك شيئا (فإن أذن) له (سيده) فيها وضحى وكان غير مكاتب (وقعت له) أي لسيده، لأنه نائب عنه فصار كما لو أذن له في الصدقة. فإن قيل: كيف تقع عن السيد من غير نية منه ولا من العبد نيابة عنه؟ أجيب بأن خصوص كونها من العبد بطل وبقي عموم الاذن له في التضحية فوقعت عن السيد، أو أن السيد نوى عن نفسه، أو فوض النية للعبد فنوى عن السيد (ولا يضحي مكاتب بلا إذن) من سيده، لأنه تبرع، فإن أذن له وقعت التضحية عن المكاتب كسائر تبرعاته. أما المبعض فيضحي بما ملكه ببعضه الحر، ولا يحتاج إلى إذن السيد، لأنه فيما يملكه كالحر الكامل (ولا تضحية) أي لا تقع (عن الغير) الحي (بغير إذنه) لأنها عبادة، والأصل أن لا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما مع عدم الإذن.
تنبيه: استثنى من هذا صور: إحداها تضحية واحد من أهل البيت تحصل بها سنة الكفاية لهم كما مر وإن لم يصدر من بقيتهم إذن، وفي زيادة الروضة عن العدة: لو أشرك غيره في ثواب أضحيته وذبح عن نفسه جاز.
ثانيها المعينة بالنذر إذا ذبحها أجنبي وقت التضحية فإنها تقع الموقع على المشهور في أصل الروضة، فيفرق صاحبها لحمها لأنه مستحق الصرف إلى هذه الجهة فلا يشترط فعله كرد الوديعة، ولان ذبحها لا يفتقر إلى نية كما مر، فإذا فعله غيره أجزأه. ثالثها تضحية الإمام عن المسلمين من بيت المال، أي عند سعته فإنه يجوز كما قاله الماوردي، وقد تقدم الكلام على ذلك. رابعها تضحية الولي من ماله عن محاجيره كما ذكره البلقيني والأذرعي، وهو ما أشعر به قول الماوردي والأصحاب، ولا تصح التضحية عن الحمل كما لا يخرج عنه الفطرة، ولا يجوز لولي الطفل والمجنون والمحجور أن يضحي عنه من ماله فأفهم جوازها عنهم من مال الولي، وحيث امتنعت، فإن كانت الشاة معينة وقعت عن المضحي، وإلا فلا. (ولا) تضحية (عن ميت إن لم يوص بها) لقوله تعالى * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) * فإن أوصى بها جاز، ففي سنن أبي داود والبيهقي والحاكم أن علي بن أبي طالب كان يضحي بكبشين عن نفسه وكبشين عن النبي (ص)