مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٩٢
ولدا كما ذكره الشيخان في كتاب الوقت (وله) أي المضحي (أكل كله) قياسا على اللبن، وهذا تبع فيه المحرر ونقله الرافعي عن ترجيح الغزالي وقال في زيادة الروضة إنه الأصح. قال ابن شهبة: وإنما يصح إذا قلنا يجوز الاكل من الواجبة، وقد مر أن المذهب منع الاكل منها، وقال الغزالي ممن يجوز الاكل من المعينة، فلهذا جوز أكل جميع الولد، فإذا المجزوم به في الكتاب مفرع على مرجوح اه‍. والأوجه ما في الكتاب، إذ لا يلزم من تحريم الاكل من الأضحية الواجبة منع أكل ولدها، لأن التصدق إنما يجب بما يقع عليه اسم الأضحية والولد لا يسمى أضحية لنقص سنه وإنما لزم ذبحه تبعا، ولا يلزم أن يعطى التابع حكم المتبوع من كل وجه، وكما يجوز للموقوف عليه أكل الولد ولا يكون وقفا كذلك هذا يجوز أكله ولا تجري عليه أحكام الأضحية، وقيل يكفي التصدق من إحداهما، وقيل يجب التصدق ببعضه وصححه الروياني. أما ولد الأضحية المتطوع بها فيجوز أكله كما علم من ذلك بطريق الأولى، فإن كان الولد ولد هدي وعجز عن المشي فيحمله على الام أو غيرها ليبلغ الحرم، وقد فعله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كما رواه مالك بإسناد صحيح (و) له (شرب فاضل لبنها) عن ولدها مع الكراهة كما قاله الماوردي. ويدل للجواز قوله تعالى (لكم فيها منافع) قال النخعي: إن احتاج إلى ظهرها ركب، وإن حلب لبنها شرب، وله سقي غيره بلا عوض، ولو تصدق به كان أفضل كما قاله الشافعي والأصحاب، ولا يجوز بيعه قطعا.
تنبيه: قضية كلامه فرض المسألة في الواجبة، ولذا صورها في المجموع بالمنذورة، ثم استشكله في نكت التنبيه بأن ملكه قد زال عنها فكيف يشربه بغير إذن مالكه، والمنقول في الكفاية أنه لا فرق بين الواجبة وغيرها، وفرق من منع أكل ولد الواجبة بينه وبين شرب اللبن بأن بقاء اللبن معها يضرها، وبأن اللبن يستخلف مع الأوقات فما يتلفه يعود فيسامح به، وبأنه لو جمعه لفسد. (ولا تضحية لرقيق) كله قنا أو مدبرا أو أم ولد، لأنه لا يملك شيئا (فإن أذن) له (سيده) فيها وضحى وكان غير مكاتب (وقعت له) أي لسيده، لأنه نائب عنه فصار كما لو أذن له في الصدقة. فإن قيل: كيف تقع عن السيد من غير نية منه ولا من العبد نيابة عنه؟ أجيب بأن خصوص كونها من العبد بطل وبقي عموم الاذن له في التضحية فوقعت عن السيد، أو أن السيد نوى عن نفسه، أو فوض النية للعبد فنوى عن السيد (ولا يضحي مكاتب بلا إذن) من سيده، لأنه تبرع، فإن أذن له وقعت التضحية عن المكاتب كسائر تبرعاته. أما المبعض فيضحي بما ملكه ببعضه الحر، ولا يحتاج إلى إذن السيد، لأنه فيما يملكه كالحر الكامل (ولا تضحية) أي لا تقع (عن الغير) الحي (بغير إذنه) لأنها عبادة، والأصل أن لا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما مع عدم الإذن.
تنبيه: استثنى من هذا صور: إحداها تضحية واحد من أهل البيت تحصل بها سنة الكفاية لهم كما مر وإن لم يصدر من بقيتهم إذن، وفي زيادة الروضة عن العدة: لو أشرك غيره في ثواب أضحيته وذبح عن نفسه جاز.
ثانيها المعينة بالنذر إذا ذبحها أجنبي وقت التضحية فإنها تقع الموقع على المشهور في أصل الروضة، فيفرق صاحبها لحمها لأنه مستحق الصرف إلى هذه الجهة فلا يشترط فعله كرد الوديعة، ولان ذبحها لا يفتقر إلى نية كما مر، فإذا فعله غيره أجزأه. ثالثها تضحية الإمام عن المسلمين من بيت المال، أي عند سعته فإنه يجوز كما قاله الماوردي، وقد تقدم الكلام على ذلك. رابعها تضحية الولي من ماله عن محاجيره كما ذكره البلقيني والأذرعي، وهو ما أشعر به قول الماوردي والأصحاب، ولا تصح التضحية عن الحمل كما لا يخرج عنه الفطرة، ولا يجوز لولي الطفل والمجنون والمحجور أن يضحي عنه من ماله فأفهم جوازها عنهم من مال الولي، وحيث امتنعت، فإن كانت الشاة معينة وقعت عن المضحي، وإلا فلا. (ولا) تضحية (عن ميت إن لم يوص بها) لقوله تعالى * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) * فإن أوصى بها جاز، ففي سنن أبي داود والبيهقي والحاكم أن علي بن أبي طالب كان يضحي بكبشين عن نفسه وكبشين عن النبي (ص)
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548