المعينة كما في تقديم النية على تفرقة الزكاة، لكن يشترط صدور النية بعد تعيين المذبوح، فإن كان قبله لم يجز كما في نظيره من الزكاة حيث تعتبر النية بعد إفراز المال وقبل الدفع. قال في المهمات: وهل يشترط لذلك دخول وقت الأضحية أو لا فرق؟ فيه نظر اه. والأوجه الأول (وكذا إن) عين كأن (قال: جعلتها) أي الشاة مثلا (أضحية) يشترط النية عند ذبحها (في الأصح) ولا يكفي تعيينها لأنها قربة في نفسها فوجبت النية فيها، والثاني قال يكفي تعيينها.
تنبيه: ما رجحه من اشتراط النية عند الذبح في هذه الصورة مبني على ما جزم به من اشتراط النية عند الذبح إن لم يسبق تعيين، وقد تقدم أنه وجه، والأصح خلافه. قال الأذرعي: ولا شك في جواز تقديم النية في المعينة إذا جوزنا التقديم في غيرها وهو الأصح.
تنبيه: لا يشكل على عدم الاكتفاء بما سبق من التعيين ما قالوه من أنه لو ذبح الأضحية المعينة أو الهدي المعين فضولي في الوقت وأخذ منه المالك اللحم وفرقه على مستحقيه وقع الموقع لأنه مستحق الصرف إليه، فلا يشترط فعله كرد الوديعة، ولان ذبحها لا يفترق إلى النية، فإذا فعله غيره أجزأ كإزالة الخبث، لأن الكلام هناك في التعيين بالنذر ، وهنا في التعيين بالجعل، وهي صيغة منحطة عن صيغة النذر. (وإن وكل بالذبح نوى عند إعطاء الوكيل) ما يضحى به (أو) عند (ذبحه) لأنه قائم مقامه فصار كالوكيل في تفرقة الزكاة. قال الزركشي: ويستثنى ما لو وكل كافرا في الذبح فلا تكفيه النية عند الذبح في الظاهر اه. والظاهر الاكتفاء بذلك.
تنبيه: ما ذكره المصنف صريح في جواز تقديم النية على الذبح، وقد صحح خلافه فيما مضى، وقد مر ما فيه، وقد يوهم أيضا عدم جواز النية من الوكيل وهو ظاهر إذا كان الوكيل كتابيا أو غير مميز. أما إذا وكل مسلما مميزا وفوض إليه النية فإنه يكفي لصحتها منه. النوع الرابع حكم الاكل من الأضحية، وقد شرع فيه بقوله: (وله) أي للمضحى (الاكل من أضحية تطوع) ضحى بها عن نفسه، بل يستحب قياسا على هدي التطوع الثابت بقوله تعالى * (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) * أي الشديد الفقر، وفي البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم كان يأكل من كبد أضحيته وإنما لم يجب الاكل منها كما قيل به لظاهر الآية لقوله تعالى * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * فجعلها لنا، وما جعل للانسان فهو مخير بين تركه وأكله قاله في المهذب، وخرج بذلك من ضحى عن غيره كميت بشرطه الآتي فليس له ولا لغيره من الأغنياء الاكل منها، وبه صرح القفال وعلله بأن الأضحية وقعت عنه، فلا يحل الاكل منها إلا بإذنه، وقد تعذر فيجب التصدق بها عنه، والأضحية الواجبة لا يجوز له الاكل منها، فإن أكل منها شيئا غرم بدله (و) به (إطعام الأغنياء) المسلمين كما في البويطي، لقوله تعالى: * (وأطعموا القانع والمعتر) *. قال مالك: أحسن ما سمعت أن القانع الفقير، والمعتر الزائر، والمشهور أن القانع السائل، والمعتر الذي يتعرض للسؤال ويحوم حوله، وقيل القانع الجالس في بيته، والمعتر الذي يسأل، يقال: قنع يقنع قنوعا - بفتح عين الماضي والمضارع - إذا سأل وقنع يقنع قناعة - بكسر عين الماضي وفتح عين المضارع - إذا رضي بما رزقه الله. قال الشاعر:
العبد حر إن قنع والحر عبد إن طمع فاقنع ولا تطمع فما شئ يشين سوى الطمع (لا تمليكهم) منها شيئا، فلا يجوز بل يرسل إليهم على سبيل الهدية ولا يتصرفوا فيه بالبيع وغيره، واستثنى البلقيني أضحية الإمام من بيت المال فيملك الأغنياء ما يعطيهم منها، أما الفقراء فيجوز تمليكهم منها ويتصرفون فيما ملكوه بالبيع وغيره (ويأكل ثلثا) على الجديد، لقوله تعالى * (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر) * وأما الثلثان، فقيل يتصدق بهما. وقيل: وصححه في تصحيح التنبيه. ونص عليه البويطي: يهدي للأغنياء ثلثا ويتصدق على الفقراء بثلث، ولم يرجح في الروضة كأصلها شيئا (وفي قول) قديم يأكل (نصفا) ويتصدق بالنصف الآخر،