قال بالارتفاع يعتبرهما بعد ذلك، والمحرر جزم هناك بالطلوع وهنا بالارتفاع، فلهذا استدرك المصنف عليه، ونازع البلقيني في قول المصنف إن ارتفاع الشمس فضيلة، وقال: تعجيل النحر مطلوب فلا يؤخر (ومن نذر) أضحية (معينة فقال: لله على أن أضحي بهذه) البقرة مثلا، أو جعلتها أضحية، أو هذه أضحية، أو على أن أضحي بها، ولو لم يقل لله تعالى زال ملكه عنها و (لزمه ذبحها في هذا الوقت) السابق بيانه وهو أول وقت يلقاه بعد النذر، لأنه جعلها بهذا اللفظ أضحية فتعين ذبحها وقت الأضحية، ولا يجوز تأخيرها للعام القابل كما هو مقتضى كلامهم، فإن قيل: قد قالوا لو قال لله علي أن أعتق هذا العبد لم يزل ملكه عنه فهل كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الملك فيه لا ينتقل بل ينفك عن الملك بالكلية بخلافها، فإن الملك ينتقل فيها إلى المساكين، ولهذا لو أتلفها ضمنها كما سيأتي، ولو أتلف العبد لم يضمنه، وإن كان لا يجوز بيعه، لأن العبد هو المستحق لذلك فلا يضمن لغيره بخلاف الأضحية، فإن مستحقيها باقون.
تنبيه: أشار بقوله: فقال إلى أنه لو نوى جعل هذه الشاة أو البدنة أضحية ولم يتلفظ بذلك لم تصر أضحية، وهو الصحيح، ومعلوم أن إشارة الأخرس المفهمة كنطق الناطق كما قاله الأذرعي وغيره، وقضية التقييد بالمعينة أنه لو قال:
لله علي أن أضحي بشاة يكون بخلافه، لكن الأصح التأقيت أيضا، فيلزمه ذبحها في الوقت المذكور كما سيأتي. وقوله:
في هذا الوقت: أي لتقع أداء، وإلا فلو أخرها عن هذا الوقت لزمه ذبحها بعده ويكون قضاء كما حكاه الروياني عن الأصحاب.
ثم شرع في بعض أحكام الأضحية، وأحكامها خمسة أنواع: الأول حكم التلف والاتلاف، وقد شرع في القسم الأول منهما بقوله: (فإن تلفت) أي الأضحية المنذورة المعينة (قبله) أي الوقت، أو فيه قبل التمكن من ذبحها ولم يقصر (فلا شئ عليه) لعدم تقصيره، وهي في يده أمانة فلا يجوز له بيعها، فإن تعدى وباعها استردها إن كانت باقية ورد ثمنها، وإن تلفت في يد المشتري استرد أكثر قيمتها من وقت القبض إلى وقت التلف كالغاصب، والبائع طريق في الضمان، والقرار على المشتري، ويشتري البائع بتلك القيمة مثل التالفة جنسا ونوعا وسنا، فإن نقصت القيمة عن تحصيل مثلها وفي القيمة من ماله، فإن اشترى المثل بالقيمة أو في ذمته مع نيته عند الشراء أنه أضحية صار المثل أضحية بنفس الشراء، وإن اشترى في الذمة ولم ينو أنه أضحية فيجعله أضحية، ولا تجوز إجارتها أيضا لأنها بيع للمنافع، فإن أجرها وسلمها للمستأجر وتلفت عنده بركوب أو غيرها ضمنها المؤجر بقيمتها وعلى المستأجر أجرة المثل. نعم إن علم الحال فالقياس أن يضمن كل منهما الأجرة والقيمة والقرار على المستأجر، ذكره الأسنوي. وتصرف الأجرة مصرف الأضحية كالقيمة فيفعل بها ما يفعل بها وتقدم بيانه. وأما إعارتها فجائزة لأنها الارتفاق، كما يجوز له الارتفاق بها للحاجة برفق، فإن تلفت في يد المستعير لم يضمن ولو فيما تلف بغير الاستعمال، لأن يد معيره يد أمانة، فكذا هو كما ذكره الرافعي وغيره في المستعير من المستأجر ومن الموصى له بالمنفعة. قال ابن العماد: وصورة المسألة أن تتلف قبل وقت الذبح، فإن دخل وقته وتمكن من ذبحها وتلفت ضمن لتقصيره: أي كما يضمن معيره لذلك. ثم شرع في القسم الثاني بقوله (وإن أتلفها) أجنبي ضمنها بالقيمة كسائر المتقومات فيأخذها منه الناذر ويشتري بها مثلها، فإن لم يجد بها مثلها اشترى دونها بخلاف العبد المنذور عتقه إذا أتلفه أجنبي فإن الناذر يأخذ قيمته لنفسه، ولا يلزمه أن يشتري بها عبدا يعتقه لما مر أن ملكه لم يزل عنه ومستحق العتق هو العبد وقد هلك ومستحقو الأضحية باقون، فإذا كانت المتلفة ثنية من الضأن مثلا تنقصت القيمة من ثمنها أخذ عنها جذعة من الضأن، ثم ثنية معز، ثم دون من الأضحية، ثم سهم من الأضحية، ثم لحم، فظاهر كلامهم أنه لا يتعين لحم جنس المنذورة، ثم يتصدق بالدراهم للضرورة، وإن أتلفها الناذر أو قصر (لزمه أن يشتري بقيمتها مثلها) جنسا ونوعا وسنا (ويذبحها) أي وقت التضحية المذكور لتعديه.
تنبيه: قضية كلامه أنه يلزمه قيمتها فقط حتى أنه لو لم يجد مثلها إلا بأكثر من قيمتها لم يلزمه شراؤه كالأجنبي وهو وجه. والأصح يلزمه الأكثر من قيمتها يوم الاتلاف ومن قيمة مثلها يوم النحر، كما لو باعها وتلفت عند المشتري