مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٨
قال بالارتفاع يعتبرهما بعد ذلك، والمحرر جزم هناك بالطلوع وهنا بالارتفاع، فلهذا استدرك المصنف عليه، ونازع البلقيني في قول المصنف إن ارتفاع الشمس فضيلة، وقال: تعجيل النحر مطلوب فلا يؤخر (ومن نذر) أضحية (معينة فقال: لله على أن أضحي بهذه) البقرة مثلا، أو جعلتها أضحية، أو هذه أضحية، أو على أن أضحي بها، ولو لم يقل لله تعالى زال ملكه عنها و (لزمه ذبحها في هذا الوقت) السابق بيانه وهو أول وقت يلقاه بعد النذر، لأنه جعلها بهذا اللفظ أضحية فتعين ذبحها وقت الأضحية، ولا يجوز تأخيرها للعام القابل كما هو مقتضى كلامهم، فإن قيل: قد قالوا لو قال لله علي أن أعتق هذا العبد لم يزل ملكه عنه فهل كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الملك فيه لا ينتقل بل ينفك عن الملك بالكلية بخلافها، فإن الملك ينتقل فيها إلى المساكين، ولهذا لو أتلفها ضمنها كما سيأتي، ولو أتلف العبد لم يضمنه، وإن كان لا يجوز بيعه، لأن العبد هو المستحق لذلك فلا يضمن لغيره بخلاف الأضحية، فإن مستحقيها باقون.
تنبيه: أشار بقوله: فقال إلى أنه لو نوى جعل هذه الشاة أو البدنة أضحية ولم يتلفظ بذلك لم تصر أضحية، وهو الصحيح، ومعلوم أن إشارة الأخرس المفهمة كنطق الناطق كما قاله الأذرعي وغيره، وقضية التقييد بالمعينة أنه لو قال:
لله علي أن أضحي بشاة يكون بخلافه، لكن الأصح التأقيت أيضا، فيلزمه ذبحها في الوقت المذكور كما سيأتي. وقوله:
في هذا الوقت: أي لتقع أداء، وإلا فلو أخرها عن هذا الوقت لزمه ذبحها بعده ويكون قضاء كما حكاه الروياني عن الأصحاب.
ثم شرع في بعض أحكام الأضحية، وأحكامها خمسة أنواع: الأول حكم التلف والاتلاف، وقد شرع في القسم الأول منهما بقوله: (فإن تلفت) أي الأضحية المنذورة المعينة (قبله) أي الوقت، أو فيه قبل التمكن من ذبحها ولم يقصر (فلا شئ عليه) لعدم تقصيره، وهي في يده أمانة فلا يجوز له بيعها، فإن تعدى وباعها استردها إن كانت باقية ورد ثمنها، وإن تلفت في يد المشتري استرد أكثر قيمتها من وقت القبض إلى وقت التلف كالغاصب، والبائع طريق في الضمان، والقرار على المشتري، ويشتري البائع بتلك القيمة مثل التالفة جنسا ونوعا وسنا، فإن نقصت القيمة عن تحصيل مثلها وفي القيمة من ماله، فإن اشترى المثل بالقيمة أو في ذمته مع نيته عند الشراء أنه أضحية صار المثل أضحية بنفس الشراء، وإن اشترى في الذمة ولم ينو أنه أضحية فيجعله أضحية، ولا تجوز إجارتها أيضا لأنها بيع للمنافع، فإن أجرها وسلمها للمستأجر وتلفت عنده بركوب أو غيرها ضمنها المؤجر بقيمتها وعلى المستأجر أجرة المثل. نعم إن علم الحال فالقياس أن يضمن كل منهما الأجرة والقيمة والقرار على المستأجر، ذكره الأسنوي. وتصرف الأجرة مصرف الأضحية كالقيمة فيفعل بها ما يفعل بها وتقدم بيانه. وأما إعارتها فجائزة لأنها الارتفاق، كما يجوز له الارتفاق بها للحاجة برفق، فإن تلفت في يد المستعير لم يضمن ولو فيما تلف بغير الاستعمال، لأن يد معيره يد أمانة، فكذا هو كما ذكره الرافعي وغيره في المستعير من المستأجر ومن الموصى له بالمنفعة. قال ابن العماد: وصورة المسألة أن تتلف قبل وقت الذبح، فإن دخل وقته وتمكن من ذبحها وتلفت ضمن لتقصيره: أي كما يضمن معيره لذلك. ثم شرع في القسم الثاني بقوله (وإن أتلفها) أجنبي ضمنها بالقيمة كسائر المتقومات فيأخذها منه الناذر ويشتري بها مثلها، فإن لم يجد بها مثلها اشترى دونها بخلاف العبد المنذور عتقه إذا أتلفه أجنبي فإن الناذر يأخذ قيمته لنفسه، ولا يلزمه أن يشتري بها عبدا يعتقه لما مر أن ملكه لم يزل عنه ومستحق العتق هو العبد وقد هلك ومستحقو الأضحية باقون، فإذا كانت المتلفة ثنية من الضأن مثلا تنقصت القيمة من ثمنها أخذ عنها جذعة من الضأن، ثم ثنية معز، ثم دون من الأضحية، ثم سهم من الأضحية، ثم لحم، فظاهر كلامهم أنه لا يتعين لحم جنس المنذورة، ثم يتصدق بالدراهم للضرورة، وإن أتلفها الناذر أو قصر (لزمه أن يشتري بقيمتها مثلها) جنسا ونوعا وسنا (ويذبحها) أي وقت التضحية المذكور لتعديه.
تنبيه: قضية كلامه أنه يلزمه قيمتها فقط حتى أنه لو لم يجد مثلها إلا بأكثر من قيمتها لم يلزمه شراؤه كالأجنبي وهو وجه. والأصح يلزمه الأكثر من قيمتها يوم الاتلاف ومن قيمة مثلها يوم النحر، كما لو باعها وتلفت عند المشتري
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548