ذهب الصيد بالشبكة نظرت، فإن كان على امتناعه بأن يعدو ويمتنع معها فهو لمن أخذه، وإن كان ثقلها يبطل امتناعه بحيث لا يتيسر أخذه فهو لصاحبه. (و) يملك أيضا (بإلجائه إلى مضيق) ولو مغصوبا (لا يفلت منه) أي لا يقدر الصيد على التفلت منه كبيت لأنه صار مقدورا عليه، فإن قدر الصيد على التفلت لم يملكه الملجئ، ولو أخذه غيره ملكه.
تنبيه: يفلت بضم أوله وكسر ثالثه بخطه على البناء للفاعل، وضبطه بعض الشراح بالبناء للمفعول. قال ابن قاسم:
وهو مخالف لضبط المصنف، وقد يشعر كلامه بحصر ملك الصيد فيما ذكر من الصور، وليس مرادا بل من ذلك ما لو عشش طائر في بنائه، وقصد ببنائه تعشيشه فإنه يملكه لقصده ذلك، والضابط الذي ترد إليه صور ملك الصيد هو كما قال الرافعي: إبطال امتناعه وحصول الاستيلاء عليه، فلو عبر به المصنف كان أولى ليسلم من البسط والحذف، ولو دخل السمك حوضا له فسد المنفذ بحيث لا يمكنه الخروج منه، فإن كان الحوض صغيرا يمكنه تناول ما فيه باليد ملكه، وإن كان كبير لا يمكنه أن يتناول ما فيه إلا بجهد وتعب أو إلقاء شبكة في الماء لم يملكه به، ولكنه يصير أولى به من غيره، فلا يصيده أحد إلا بإذنه.
تنبيه: الدرة التي توجد في السمكة غير مثقوبة ملك للصائد إن لم يبع السمكة، وللمشتري إن باعها تبعا لها. قال في الروضة: كذا في التهذيب، ويشبه أن يقال إنه في الثانية للصائد أيضا كالكنز الموجود في الأرض يكون لمحييها، وما بحثه هو ما جزم به الإمام والماوردي وغيرهما، وإن كانت مثقوبة فللبائع، وصورته إن ادعاها، فإن لم يكن بيع أو كان ولم يدعها البائع فلقطة، وقيد الماوردي ما ذكر بما إذا صاد من بحر الجوهر وإلا فلا يملكها، بل تكون لقطة.
(ولو وقع صيد) اتفاقا (في ملكه) أو مستأجر له أو معار أو مغصوب تحت يد الغاصب (وصار مقدورا عليه بتوحل وغيره لم يملكه) ولا ما حصل منه كبيضة (في الأصح) لأن مثل هذا لا يقصد به الاصطياد، والقصد مرعي في التملك، لكن يصير أحق به من غيره، والثاني يملكه كوقوعه في شبكته.
تنبيه: محل الخلاف فيما إذا لم يكن سقي الأرض مما يقصد به توحل الصيد، فإن قصد به فهو كنصب الشبكة فيملكه كما نقله في أصل الروضة هنا عن الإمام وغيره، لكنه نقل في إحياء الموات عن الإمام خلافه، وضعفه الأذرعي وجمع البلقيني بينهما بحمل ما هنا على سقي اعتيد الاصطياد به، وما هناك على خلافه، وهو حسن، ولو حفر حفرة وقع فيها صيد ملكه إن كان الحفر للصيد، وإلا فلا، ولو استأجر سفينة فدخلها سمك هل يملكه المستأجر، لأن ملك منافعها له، أو المالك، لأن هذه ليست من المنافع التي تقع الإجارة عليها؟ وجهان في فروق ابن جماعة المقدسي أوجههما الأول كما استظهره بعض المتأخرين. (ومتى ملكه) أي الصيد (لم يزل ملكه) عنه (بانفلاته) فمن أخذه لزمه رده سواء أكان يدور في البلد أم التحق بالوحوش في البرية كما لو أبق العبد أو شردت البهيمة، ويستثنى من ذلك ما لو أتلفت بقطعه ما نصب له، فإنه يعود مباحا ويملكه من يصطاده كما مرت الإشارة إليه (وكذا) لا يزول ملكه (بإرسال المالك له في الأصح) لأن رفع اليد عنه لا يقتضي زوال الملك عنه كما لو سيب بهيمته فليس لغيره أن يصيده إذا عرفه، والثاني يزول ويجوز اصطياده كما بحثه ابن الرفعة في المطلب، والثالث إن قصد بإرساله التقرب إلى الله زال ملكه، وإلا فلا.
تنبيه: محل الخلاف في مالك مطلق التصرف، أما الصبي والمجنون والمحجور عليه بسفه أو فلس والمكاتب الذي لم يأذن له سيده فلا يزول ملكه عنه قطعا، وعلى الأول لا يجوز إرساله، لأنه قد يختلط بالمباح فيصاد، ولما فيه من التشبه بفعال الجاهلية، وقد قال تعالى * (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) * والبحيرة هي التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شئ، والوصيلة الناقة