وأما الساقط في النار فحرام. (ويحل الاصطياد) أي أكل المصاد بالشرط الآتي في غير المقدور عليه (بجوارح السباع والطير) في أي موضع كان جرحها حيث لم تكن فيه حياة مستقرة بأن أدركه ميتا، أو في حركة المذبوح، أما الاصطياد بمعنى إثبات الملك فلا يختص بالجوارح، بل يحصل بكل طريق تيسر كما يأتي في الفصل بعده وذبحه كذبح الحيوان الانسي، والجوارح جمع جارح، وهو كل ما يجرح، سمي بذلك لجرحه الطير بظفره أو نابه. ثم مثل الجوارح بقوله: (ككلب وفهد) ونمر في السباع (وباز وشاهين) وصقر في الطير لقوله تعالى * (أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح) * أي صيد ما علمتم. قال في المجموع: وقوله في الوسيط: فريسة الفهد والنمر حرام غلط مردود، وليس وجها في المذهب، بل هما كالكلب نص عليه الشافعي وكل الأصحاب اه. فإن قيل قد صرحا في الروضة وأصلها هنا بعد النمر في السباع التي يحل الاصطياد بها، وقالا في كتاب البيع: لا يصح بيع النمر، لأنه لا يصلح للاصطياد. أجيب بأن ما ذكر في البيع في نمر لا يمكن تعليمه، وما هنا بخلافه، فإذا كان معلما أو أمكن تعليمه صح بيعه (بشرط كونها معلمة) للآية وللحديث المار (بأن تنزجر) أي تقف (جارحة السباع بزجر صاحبها) في ابتداء الامر وبعده (و) أن (تسترسل بإرساله) أي تهيج بإغرائه لقوله تعالى: * (مكلبين) * (2) قال الشافعي رضي الله تعالى عنه : إذا أمرت الكلب فائتمر وإذا نهيته فانتهى فهو كلب مكلب حكاه العبادي في طبقاته عن رواية يونس (و) أن (يمسك) أي يحبس (الصيد) على صاحبه، ولا يخليه يذهب، فإذا جاء صاحبه خلى بينه وبينه ولا يدفعه عنه (ولا يأكل منه) أي من لحمه أو نحوه كجلده وحشوته وأذنه وعظمه قبل قتله له أو عقبه لحديث الصحيحين عن عدي بن حاتم إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فأمسك وقتل فكل، وإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه ومنعه الصائد من الصيد كالأكل منه، أما إذا أكل منه ولم يقتله أو قتله، ثم انصرف وعاد إليه فأكل منه فإنه لا يضر. قال الزركشي: وينبغي القطع في تناوله الشعر بالحل، إذ ليس عادته الاكل منه، ومثله الصوف والريش، وفيما ذكر تذكير الجارحة، وسيأتي تأنيثها نظرا إلى المعنى تارة وإلى اللفظ أخرى (ويشترط ترك الأكل في جارحة الطير في الأظهر) قياسا على جارحة السباع. والثاني لا يشترط، لأنها لا تحتمل الضرب لتتعلم ترك الأكل، بخلاف الكلب ونحوه.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يشترط فيها انزجارها بالزجر ولا إمساكها الصيد لصاحبها، وهو ما اقتضاه كلام الروضة في الثانية، وصرح به في الأولى، ونقل عن الإمام أنه لا مطمع في انزجارها بعد طيرانها، لكن نص في الام على اشتراط ذلك فيها أيضا كما نقله البلقيني كغيره، ثم قال: ولم يخالفه أحد من الأصحاب، وقد اعتبره في البسيط، ثم ذكر مقالة الإمام بلفظ قيل، وذكر نحوه الأذرعي وغيره، ونقله عن الدارمي وسليم الرازي ونصر المقدسي، ونقله ابن الرفعة عن الروياني وغيره، وهذا هو الظاهر كما جرى عليه شيخنا في منهجه. (ويشترط تكرر هذه الأمور) المعتبرة في التعليم (بحيث يظن تأدب الجارحة) ولا ينضبط ذلك بعدد، بل الرجوع في ذلك إلى أهل الخبرة بالجوارح، وقيل يشترط تكرره ثلاث مرات، وقيل مرتين (ولو ظهر) بما ذكر من الشروط (كونه معلما ثم أكل) مرة كما في المحرر (من لحم صيد لم يحل ذلك الصيد في الأظهر) لحديث الصحيحين المار، ولان عدم الاكل شرط في التعلم ابتداء، فكذا دواما، والثاني يحل أكله لخبر أبي داود بإسناد حسن: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل وإن أكل منه، وأجاب الأول بأن في رجاله من تكلم فيه، وإن صح حمل على ما إذا أطعمه صاحبه منه أو أكل منه بعد