مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
تنبيه: قد يؤخذ من علة النهي عن الذبح بالعظم أنه بمطعوم الآدمي أولى كأن يذبح بحرف رغيف محدد، ومعلوم مما يأتي أن ما قتلته الجارحة بظفرها أو نابها حلال، فلا حاجة إلى استثنائه. وخرج بمحدد ما تضمنه قوله (فلو قتله بمثقل) - بقاف مفتوحة شديدة - أي شئ ثقيل (أو ثقل محدد) فالأول (كبندقة وسوط وسهم بلا نصل ولا حد) وأما الثاني فلم يمثل له، وذلك كسهم بنصل أو حد قتل بثقله، ومنه السكين الكال إذا ذبحت بالتحامل عليها. ثم أشار لصور يقع الموت فيها بسببين بقوله (أو) قتل بنحو (سهم وبندقة) أي قتله بهما (أو جرحه) أي الصيد (نصل وأثر فيه عرض السهم) - بضم العين - أي جانبه (في مروره ومات بهما) أي الجرح والتأثير (أو انخنق) ومات (بأحبولة) منصوبة لذلك، وهي ما تعمل من الحبال للاصطياد (أو أصابه سهم) فجرحه جرحا مؤثرا (فوقع بأرض) عالية (أو) طرف (جبل ثم سقط منه) في المسألتين وفيه حياة مستقرة ومات (حرم) الصيد في جميع هذه المسائل، أما القتل بالمثقل، فلأنها موقوذة فإنها مما قتل بحجر أو نحوه مما لا حد له، وأما موته بالسهم والبندقة وما بعدهما فلانه مات بسببين مبيح ومحرم، فغلب المحرم لأنه الأصل في الميتات، وأما المنخنقة بالأحبولة فلقوله تعالى : * (والمنخنقة) * وأما إذا أصابه سهم فوقع بأرض، فقد اختلف كلام الشراح في تصويره، فمنهم من صوره بما إذا أصابه السهم في الهواء ولم يؤثر فيه جرحا بل كسر جناحه فوقع فمات، فإنه لا يحل لعدم مبيح يحال الموت عليه، أما إذا جرحه السهم جرحا مؤثرا ثم سقط على الأرض ومات، فإنه يحل كما سيأتي في كلامه. ومنهم من صوره بما إذا جرحه جرحا مؤثرا ووقع بأرض عالية ثم سقط منها وجعله من صور الموت بسببين، وعلله بأنه لا يدري بأيهما مات، وهذا هو الظاهر كما حملت كلامه عليه. ولو عبر كالمحرر والروضة بوقوع على طرف سطح كان أولى. ولا بد في تصوير الأرض والجبل بأن يكون فيه حياة مستقرة كما قدرته في كلامه أما إذا أنهاه السهم إلى حركة مذبوح فإنه يحل ولا أثر لصدمة الأرض والجبل. واحترز بقوله سقط عما إذا لم يسقط منه ولكن تدحرج من جنب إلى جنب فإنه يحل بلا خلاف.
فائدة: أفتى المصنف بأن الرمي بالبندق جائز، ولكن محله إذا كان الصيد لا يموت منه غالبا كالكركي فإن كان يموت منه غالبا كالعصافير وصغار الوحش حرم كما قاله في شرح مسلم، فإن احتمل واحتمل ينبغي أن يحرم. (ولو أصابه سهم بالهواء) أو جرحه جرحا مؤثرا (فسقط بأرض ومات) قبل وصوله الأرض أو بعده (حل) لأن الوقوع على الأرض لا بد منه فعفي عنه كما لو كان الصيد قائما فوقع على جنبيه لما أصابه السهم وانصدم بالأرض وكذلك لو كان الطائر على شجرة فأصابه السهم فسقط بالأرض، فإن سقط على غصن ثم على الأرض لم يحل كما لو سقط على سطح ثم على الأرض ومات لم يحل، وخرج بالأرض ما لو وقع في بئر فيها ماء فإنه يحرم، فإن لم يكن فيها ماء حل إن لم يصدم جدرانها.
تنبيه: لو رمى طير الماء وهو فيه فأصابه ومات حل، والماء له كالأرض لغيره، وإن كان الطير في هواء الماء، فإن كان الرامي في الماء، ولو في نحو سفينة حل، أو في البر حرم إن لم ينهه بالجرح إلى حركة مذبوح، ولو كان الطير خارج الماء فرماه فوقع في الماء سواء كان الرامي في الماء أم خارجه حرم كما فهم مما ذكر بالأولى، وكما هو أحد وجهين حكاهما في الروضة كأصلها بلا ترجيح، وقضية كلامهما أن طير البر ليس كطير الماء فيما ذكر، لكن البغوي في تعليقه جعله مثله، فإن حمل أن الإضافة في طير الماء في كلامهما على معنى في فلا مخالفة، وهذا أولى ومحل ما مر كما قال الأذرعي: إذا لم يغمسه السهم في الماء سواء كان على وجه الماء أم في هواته، أما لو غمسه فيه قبل إنهائه إلى حركة المذبوح، أو انغمس فيه بالوقوع لثقل جثته فمات فهو غريق لا يحل قطعا. قال الماوردي:
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548