وصل إلى الماء. وإذا اتسع الحفر ولم يوجد النيل إلا في الوسط، أو في بعض الأطراف، لم يقصر الملك على موضع النيل، بل يملك أيضا مما حواليه مما يليق بحريمه، وهو قدر ما يقف فيه الأعوان والدواب. ومن جاوز ذلك وحفر، لم يمنع وإن وصل إلى العروق. ويجوز للسلطان أن يقطعه كالموات. وإن قلنا: لا يملك، فالسابق إلى موضع منه أحق به، لكن إذا طال مقامه، ففي إزعاجه ما ذكرناه في المعادن الظاهرة. وقيل: لا يزعج هنا قطعا، لان هناك يمكن الاخذ دفعة فلا حاجة إلى الإطالة، وهنا لا يحصل إلا بمشقة فقدم السابق. ولو ازدحم اثنان، فعلى الأوجه التي هناك. وفي جواز إقطاعها على هذا القول، قولان. أحدهما: المنع كالمعادن الظاهرة. وأظهرهما: الجواز، ولا يقطع إلا قدرا يتأتى للمقطع العمل عليه والاخذ منه. وعلى القولين، يجوز العمل في المعدن الباطن والاخذ منه بغير إذن الإمام ، فإنه إما كالمعدن الظاهر، وإما كالموات.
فرع لو أحيا مواتا، ثم ظهر فيه معدن باطن، ملكه بلا خلاف، لأنه بالاحياء ملك الأرض بأجزائها إن لم يعلم بها معدنا. فإن علم واتخذ عليه دارا، فطريقان.
أحدهما: على القولين السابقين. والثاني: القطع بالملك. وأما البقعة المحياة، فقال الامام: ظاهر المذهب، أنها لا تملك، لان المعدن لا يتخذ دارا ولا مزرعة، فالقصد فاسد. وقيل: يملكها. وكأن ما ذكرناه من الخلاف في المعادن الظاهرة عن الوسيط مأخوذ من هذا.
فرع مما يتفرع على القولين في المعدن الباطن، أنه إذا عمل عليه في الجاهلية، هل يملك؟ وهل يجوز إقطاعه؟ إن قلنا: يملك بالحفر والعمل، فهو ملك للغانمين، وإلا، ففي جواز إقطاعه القولان السابقان.
فرع مالك المعدن الباطن، لا يصح منه بيعه على الصحيح، لان مقصوده النيل، وهو متفرق في طبقات الأرض، مجهول القدر والصفة، فهو كبيع قدر مجموع من تراب المعدن وفيه النيل، وهو باطل. وحكى الامام وجها في جوازه،