الخامسة: إذا كانا شريكين في عقار، فغاب أحدهما، ورأينا نصيبه في يد ثالث، فادعى الحاضر عليه أنه اشتراه، وأنه يستحقه بالشفعة، فإن كان للمدعي بينة، قضي بها وأخذه بالشفعة. ثم إن اعترف المدعى عليه، سلم الثمن إليه، وإلا، فهل يترك الثمن في يد المدعى إلى أن يقر المدعى عليه، أم يأخذه القاضي وحفظه، أم يجبر على قبوله أو الابراء منه؟ فيه ثلاثة أوجه مذكورة في باب الاقرار وغيره. ولو أقام المدعي بينة، وجاء المدعى عليه ببينة أنه ورثه أو اتهبه، تعارضتا.
وإن جاء ببينة أن الغائب أودعه إياه، أو أعاره، فإن لم يكن للبينتين تاريخ، أو سبق تاريخ الايداع، فلا منافاة فيقضى بالشفعة، لأنه ربما أودعه ثم باعه، وإن سبق تاريخ البيع، فلا منافاة أيضا، لاحتمال أن البائع غصبه بعد البيع ثم رده إليه بلفظ الايداع، فاعتمده الشهود. فإن انقطع الاحتمال بأن كان تاريخ الايداع متأخرا، وقال الشهود: أودعه وهي ملكه، فهاهنا يراجع الشريك القديم. فإن قال:
وديعة، سقط حكم الشراء. وإن قال: لا حق لي فيه، قضي بالشفعة.
أما إذا لم يكن للمدعي بينة، فللمدعى عليه في الجواب أحوال.
أحدها: أن يقر بأنه كان لذلك الغائب فاشتراه منه، فهل للمدعي أخذه؟
وجهان. أحدهما: لا، إذ لا يقبل قوله على الغائب، فيوقف الامر حتى يكاتب، هل هو مقر بالبيع؟ وأصحهما: نعم، لتصادقهما على البيع، ويكتب القاضي في السجل أنه أثبت الشفعة بتصادقهما، فإذا قدم الغائب، فهو على حقه. الثاني: أن ينكر أصل الشراء، فيصدق بيمينه. ثم إن اقتصر في الجواب إنه لا يستحق اخذه بالشفعة أو أنه لا يلزمه التسلم إليه حلف ذلك ولم يلزمه التعرض لنفي الشراء. وإن قال في الجواب: لم اشتره، بل ورثته، أو اتهبته، فيحلف لذلك، أم يكفي الحلف على أنه لا يستحق الشفعة؟ وجهان سبقا في دعوى عيب المبيع.
وإن نكل المدعى عليل، حلف الطالب واستحق الشقص. وفي الثمن الأوجه السابقة. هذا إذا أنكر الشراء والشريك القديم غير معترف بالبيع، فإن كان معترفا والشقص في يده، نظر، إن لم يعترف بقبض الثمن، ثبتت الشفعة على الأصح.
وإلى من يسلم الثمن؟ وجهان. أصحهما: إلى البائع، وعهدته عليه، لأنه يتلقى الملك منه. والثاني: ينصب القاضي أمينا يقبض الثمن منه للمشتري ويدفعه إلى البائع، ويقبض الشقص من يد البائع للمشتري ويدفعه إلى الشفيع. وإذا أخذ البائع