الشفيع، لم يكن له قلعه مجانا، كذا نص عليه الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم.
وفي المسألة إشكالان. أحدهما: قال المزني: المقاسمة تتضمن الرضى من الشفيع، وإذا رضي بتملك المشتري بطلت شفعته، فكيف يتصور ثبوت الشفعة بعد القسمة؟ الثاني: أن القسمة تقطع الشركة، فيصيران جارين، ولا شفعة للجار.
وأجاب الأصحاب عن الأول، فصوروا صحة القسمة مع بقاء الشفعة في صور.
منها: أن يقال للشفيع: جرى الشراء بألف، فيعفو ويقاسم، أو أن الشقص ملكه بالهبة فيقاسم، ثم بأن الشراء كان بدون ألف، وأن الملك حصل بالبيع، فتصح القسمة وتثبت الشفعة.
ومنها: أن يقاسم الشفيع المشتري على ظن أنه وكيل للبائع باخباره، أو بسبب آخر.
ومنها: أن يكون للشفيع وكيل بالقسمة مع شركائه ومع المشترين منهم، فيقاسم الوكيل المشتري بغير علم الشفيع.
ومنها: أن يكون له وكيل في القسمة وفي أخذ الأشقاص بالشفعة، فرأى في شقص الحظ في تركه، فيتركه، ويقاسم، ثم يقدم الشفيع، ويظهر له أن له الحظ في الاخذ، وكذلك ولي اليتيم.
ومنها: أن يكون الشفيع غائبا، فيطالب المشتري الحاكم بالقسمة، فيجيبه وإن علم بثبوت الشفعة، كذا قاله الأصحاب، وتوقف الامام في إجابته إذا علم ثبوت الشفعة.
وأما الثاني: فأجابوا عنه بأن الجواز إنما لا يكفي في الابتداء.
فإذا تقرر ما ذكرناه، فإن اختار المشتري قلع البناء والغراس، فله ذلك، ولا يكلف تسوية الأرض، لأنه كان متصرفا في ملكه.