قول جمهور الفقهاء. وقال أصحاب داود بن علي: العقد باطل. وعموم قوله تعالى: وأحل الله البيع دليل على صحة قول الجمهور، ولأنه تصرف صدر من أهله في محله فصح كغير المريض، فلو باع في مرضه فرسا قيمته خمسون بعشرين فقد جابى المشترى بثلاثة أخماسه، وليس له المحاباة بأكثر من الثلث، فإن أجاز الورثة ذلك لزم البيع ن وإن لم يجيزوا واختار المشترى فسخ البيع فله ذلك لان الصفقة تبعضت عليه ن وإن اختار إمضاء البيع فالصحيح عند أصحاب أحمد وهو اختيار ابن قدامه في المغنى أنه يأخذ النصف للبيع بنصف الثمن ويفسخ البيع في الباقي. وهذا أحد الوجهين عند أصحاب الشافعي. والوجه الثاني أنه يأخذ ثلثي المبيع بالثمن كله، لأنه يستحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن. وعند مالك له أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ويسميه أصحابه خلع الثلث ولأصحابنا كما ساق المصنف ذلك إذا وصى ببيع ماله من رجل من غير محاباة.
فإذا قلنا إن مجرد التخصيص بالتمليك يقوم مقام المحاباة صحت الوصية على هذا الوجه.
وإن قلنا إن البيع من غير محاباة ليس قربة والمراعى في الوصية التقرب إلى الله تعالى لحديث أبي الدرداء لم تصح الوصية (فرع) تصح الوصية للذمي باتفاق أهل العلم لا نعلم في ذلك خلافا، ولان الصدقة عليه جائزة فجازت الوصية. أما الحربي ففيه لأصحابنا وجهان (أحدهما) وهو المذهب وبه قال أحمد في المنصوص عنه وهو قول مالك أن الوصية للحربي تصح وهو دار الحرب (والثاني) لا تصح وهو قول أبي حنيفة لقوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إلى قوله تعالى إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين) الآية: فيدل ذلك على أن من قاتلنا لا يحل بره، وهو قول أبى العباس بن القاص من أصحابنا، لان القصد من الوصية القربة إلى الله بنفع يعود إلى الموصى له، وقد أمرنا بقتل الحربي وأخذ سلبه، فلا معنى للوصية مع قيام هذا كله.