قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وإن وجد كلب صيد لم يجز أن ينتفع به قبل الحول فإن عرفه حولا ولم يجد صاحبه جاز له أن ينتفع به: لان الانتفاع بالكلب كالتصرف في المال والتصرف في المال يقف على التعريف في الحول، فكذلك الانتفاع بالكلب.
(فصل) وإن وجد ما لا يبقى كالشواء والطبيخ والخيار والبطيخ فهو بالخيار بين أن يأكله ويغرم البدل، وبين أن يبيعه ويحفظ الثمن على ما ذكرناه في الغنم في بيعه وحفظ ثمنه وأكله وعزل بدله، وخرج المزني فيه قولا آخر أنه يلزمه البيع، ولا يجوز الاكل، والمذهب الأول، لأنه معرض للهلاك فخير فيه بين البيع والاكل كالغنم، وان وجد ما لا يبقى ولكن يمكن التوصل إلى حفظه كالرطب والعنب - فإن كان الأنفع لصاحبه أن يباع - بيع، وإن كان الأنفع أن يجفف جفف، وإن احتاج إلى مؤنة في تجفيفه ولم يوجد من يتطوع بيع بعضه وأنفق عليه.
(فصل) وإن وجد خمرا أراقها صاحبها لم يلزمه تعريفها، لان اراقتها مستحقة فلم يجز التعريف، فإن صارت عنده خلا ففيه وجهان. أحدهما: أنها لمن أراقها لأنها عادت إلى الملك السابق، والملك السابق الذي أراق، فعاد إليه كما لو غصبه من رجل فصار في يده خلا. والثاني: أنه للملتقط لان الأول أسقط حقه منها فصارت في يد الثاني، ويخالف المغصوبة لأنها أخذت بغير رضاه فوجب ردها إليه.
(فصل) فاما العبد إذا وجد لقطة ففيه قولان (أحدهما) له أن يلتقط لأنه كسب بفعل فجاز للعبد كالاصطياد (والثاني) لا يجوز لان الالتقاط يقتضى ولاية قبل الحول وضمانا بعد الحول والعبد ليس من أهل الولاية ولا له ذمة يستوفى منها الحق إلى أن يعتق ويوسر، فان قلنا: إنه يجوز أن يلتقط فالتقط فهلك في يده من غير تفريط لم يضمن، وان هلك بتفريط ضمنها في رقبته فتباع فيها، وان عرفها صح تعريفه ولا يملك به لأنه في أحد القولين لا يملك المال،