لأنه في يده لا حائل دونه فصح بيعها منه، كما لو باع المغصوب من الغاصب، والمرهون من المرتهن، ولا تنفسخ الإجارة بل يستوفى المستأجر المنفعة بالإجارة لان الملك لا ينافي الإجارة، والدليل عليه أنه يجوز أن يستأجر ملكه من المستأجر، فإذا طرأ عليها لم يمنع صحتها، وإن تلفت المنافع قبل انقضاء المدة انفسخت الإجارة ورجع المشترى بالأجرة لما بقي على البائع.
(فصل) فإن أجر عينا من رجل ثم مات أحدهما لم يبطل العقد، لأنه عقد لازم فلا يبطل بالموت مع سلامة المعقود عليه كالبيع، فإن أجر وقفا عليه ثم مات ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يبطل لأنه أجر ما يملك إجارته فلم يبطل بموته كما لو أجر ملكه ثم مات فعلى هذا يرجع البطن الثاني في تركه المؤجر المدة الباقية لان المنافع في المدة الباقية حق له، فاستحق أجرتها.
(والثاني) تبطل لان المنافع بعد الموت حق لغيره فلا ينفذ عقده عليها من غير إذن ولا ولاية، ويخالف إذا أجر ملكه ثم مات، فان الوارث يملك من جهة الموروث: فلا يملك ما خرج من ملكه بالإجارة والبطن الثاني يملك غلة الوقف من جهة الواقف، فلم ينفذ عقد الأول عليه، وإن أجر صبيا في حجره أو أجر ماله ثم بلغ ففيه وجهان.
أحدهما: لا يبطل العقد لأنه عقد لازم عقده بحق الولاية فلا يبطل بالبلوغ كما لو باع داره، والثاني يبطل لأنه بان بالبلوغ أن تصرف الولي إلى هذا الوقت والصحيح عندي في المسائل كلها أن الإجارة لا تبطل وبالله التوفيق.
(الشرح) قال الماوردي في الحاوي الكبير: فإذا بيعت الدار المستأجرة فذلك ضربان.
أحدهما: أن تباع على المستأجر فالبيع جائز والإجارة بحالها، ويصير جامعا بين ملك المنفعة بالإجارة والرقبة بالبيع، والفرق بنى أن يرثها المستأجر فتبطل الإجارة وبين أن يبتاعها فلا تبطل أنه بالإرث صار قائما مقام المؤجر فلم يجز له عقد على نفسه، وهو بالبيع لا يقوم مقام البائع إلا فيما سمى بالعقد.