وقال أحمد: لا يجوز اقرار المريض لوارثه مطلقا، واحتج بأنه لا يؤمن بعد المنع من الوصية لوارثه أن يجعلها اقرارا، واحتج الأول بما يتضمن الجواب عن هذه الحجة فقال إن التهمه في حق المحتضر بعيدة وبأنه وقع الاتفاق أنه لو أقر بوارث آخر صح اقراره مع أنه يتضمن الاقرار بالمال وبأن مدار الأحكام على الظاهر فلا يترك اقراره للظن المحتمل فإن أمره إلى الله.
(قلت) وهذا القول أقوى دليلا، واستثنى مالك ما إذا أقر لبنته ومعها من يشاركها من غير الولد، كابن العم قال: لأنه يتهم في أنه يزيد لابنته، وينقص ابن العم، وكذلك استثنى ما إذا أقر لزوجته المعروف بمحبته لها وميله إليها، وكان بينه وبين ولده من غيرها تباعد لا سيما إذا كان له منها ولد في تلك الحال.
قلت: والأحسن ما قيل عن بعض المالكين واختاره الروياني في بحر المذهب من أصحابنا: ان مدار الامر على التهمه وعدمها، فإن فقدت جاز والا فلا، وهي تعرف بقرائن الأحوال وغيرها.
وعن بعض الفقهاء: أنه لا يصح اقراره الا للزوجة بمهرها، وسيأتي مزيد ايضاح إن شاء الله. وفائدة الخلاف أن الوصية إذا كانت صحيحة فإجازة الورثة تنفيذ، فإذا أجازها الورثة لزمت الوصية، وإن كانت باطله كانت هبة مبتدأه تفتقر إلى شروط الهبة من اللفظ والقبول والقبض، ولو رجع المجيز قبل القبض فيما يعتبر فيه القبض صح رجوعه.
وأما بقية الفصول من الوصية للعبد والمكاتب وأم الولد وعبد غيره فعلى وجهها. ولا تفتقر إلى مزيد والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وتجوز الوصية بالمشاع والمقسوم لأنه تمليك جزء من ماله فجاز في المشاع والمقسوم كالبيع، ويجوز بالمجهول كالحمل في البطن واللبن في الضرع وعبد من عبيد وبما لا يقدر على تسليمه كالطير الطائر والعبد الآبق لان الموصى له يخلف الميت في ثلثه كما يخلفه الوارث في ثلثه فلما جاز أن يخلف الوارث الميت