قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن عجز الثلث عن التبرعات لم يخل إما أن يكون في التبرعات المنجزة في المرض أو في الوصايا، فإن كان في التبرعات المنجزة في المرض، فإن كانت في وقت واحد نظرت، فإن كانت هبات أو محاباة قسم الثلث بين الجميع لتساويهما في اللزوم، فإن كانت متفاضلة المقدار قسم الثلث عليها على التفاضل، وإن كانت متساوية قسم بينها على التساوي كما يفعل في الديون ن وإن كان عتقا في عبيد أقرع بينهم لما ذكرناه من حديث عمران بن الحصين، ولان القصد من العتق تكميل الأحكام، ولا يحصل ذلك إلا بما ذكرناه، فان وقعت متفرقة قدم الأول فالأول عتقا كان أو غيره، لان الأول سبق فاستحق به الثلث فلم يجز إسقاطه بما بعده، فإن كان له عبدان سالم وغانم فقال لسالم إن أعتقت غانما فأنت حر، ثم أعتق غانما قدم عتق غانم لان عتقه سابق. فان قال إن أعتقت غانما فأنت حر حال عتق غانم ثم أعتق غانما فقد قال بعض أصحابنا: يعتق غانم، لان عتقه غير متعلق بعتق غيره، وعتق سالم متعلق بعتق غيره، فإذا أعتقناهما في وقت واحد احتجنا أن نقرع بينهما فربما خرجت القرعة على سالم فيبطل عتق غانم، وإذا بطل عتقه بطل عتق سالم فيؤدى إثباته إلى نفيه فسقط ويبقى عتق غانم لأنه أصل، ويحتمل عندي أن لا يعتق واحد منهما، لأنه جعل عتقهما في وقت واحد، ولا يمكن أن يقرع بينهما لما ذكرناه، ولا يمكن تقديم عتق أحدهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر بالسبق فوجب أن يسقطا وإن كانت التبرعات وصايا وعجز الثلث عنها لم يقدم بعضها على بعض بالسبق لان ما تقدم وما تأخر يلزم في وقت واحد وهو بعد الموت، فإن كانت كلها هبات أو كلها محاباة أو بعضها هبات وبعضها محاباة قسم الثلث بين الجميع على التفاضل إن تفاضلت وعلى التساوي إن تساوت.
وإن كان الجميع عتقا أقرع بين العبيد لما ذكرناه في القسم قبله. وإن كان بعضها عتقا وبعضها محاباة أو هبات ففيه قولان (أحدهما) أن الثلث يقسم بين الجميع، لان الجميع يعتبر من الثلث، ويلزم