قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وما عقد من الإجارة على مدة لا يجوز فيه شرط الخيار، لان الخيار يمنع من التصرف، فان حسب ذلك على المكرى زدنا عليه المدة، وإن حسب على المكترى نقصنا من المدة وهل يثبت فيه خيار المجلس؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يثبت لما ذكرناه من النقصان والزيادة في خيار الشرط.
(والثاني) يثبت لأنه قدر يسير، ولكل واحد منهما إسقاطه، وإن كانت الإجارة على عمل معين ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) لا يثبت فيه الخياران، لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار (والثاني) يثبت فيه الخياران، لان المنفعة المعينة كالعين في البيع، ثم العين المعينة يثبت فيها الخياران فكذلك المنفعة (والثالث) يثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط، لأنه عقد على منتظر فيثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط كالسلم.
وإن كانت الإجارة على منفعة في الذمة ففيه وجهان (أحدهما) لا يثبت فيه الخياران، لأنه عقد على غرر فلا يضاف إليه غرر الخيار (والثاني) يثبت فيه خيار المجلس دون خيار الشرط، لان الإجارة في الذمة كالسلم، وفى السلم يثبت خيار المجلس دون خيار الشرط، فكذلك في الإجارة.
(فصل) وإذا تم العقد لزم ولم يملك واحد منهما ان ينفرد بفسخه من غير عيب لان الإجارة كالبيع، ثم البيع إذا تم لزم فكذلك الإجارة وبالله التوفيق (الشرح) مذهبنا أنه لا خيار بعد لزوم العقد. وقال أبو حنيفة: يجوز للمستأجر فسخ الإجارة بالأعذار الظاهرة مع السلامة من العيوب، ولا يجوز للمؤجر أن يفسخ بالأعذار، مثل أن يستأجر دارا ليسكنها ثم يريد النقلة عن البلد أو يستأجر حرز لمتاعه ثم يريد بيعه، أو يستأجر من يطحن له برا ثم يريد بذره. إلى ما أشبه ذلك من الاعذار، فيجعل له بها فسخ الإجارة للعذر.
ألا ترى أن من استؤجر لقلع فدانين من الحطب جاز للمستأجر فسخ الإجارة للعذر الطارئ ولم يجبر على قلع فدانيه، وكذا كل عذر.