المبيع على البائع وان فارق البيع في حكم الخيار وهذان الوجهان في إجارة ما لم يقبض مبنى على اختلاف أصحابنا في عقد الإجارة هل تناول الدار المؤاجرة لاستيفاء المنفعة منها أو تناول المنفعة؟ فقال أبو إسحاق المروزي: عقد الإجارة إنما تناول الدار الموجودة، لان المنافع غير مخلوقة، فعلى هذا يمنع من إجارتها قبل القبض كما يمنع من البيع.
(والوجه الثاني) وهو الأكثر من أصحابنا أن العقد إنما تناول المنفعة دون الرقبة لان العوض في مقابلتها، ولا يصح أن يتوجه العقد إلى ما لم يقابله العوض وتصير المنافع بتسليم الرقبة مقبوضة حكما، وإن لم يكن القبض مستقرا إلا بمضي المدة فعلى، هذا تجوز إجارتها قبل قبضها.
وقال النووي: لا تنفسخ الإجارة بعذر كتعذر وقود حمام وسفر ومرض مستأجر دابة لسفر، ولو استأجر أرضا لزراعة فزرع فهلك الزرع بجائحة فليس له الفسخ، ولا حط شئ من الأجرة، وتنفسخ بموت الدابة والأجير المعينين في المستقبل لا الماضي في الأظهر، والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(باب ما يلزم المتكاريين وما يجوز لهما) يجب على المكرى ما يحتاج إليه المكترى للتمكين من الانتفاع كمفتاح الدار وزمام الجمل والبرة التي في أنفه والحزام والقتب والسرج واللجام للفرس لان التمكين عليه ولا يحصل التمكين إلا بذلك، فان تلف شئ منه في يد المكترى لم يضمنه كما لا يضمن العين المستأجرة وعلى المكرى بدله لان التمكين مستحق عليه إلى أن يستوفى المستأجر المنفعة وما يحتاج إليه لكمال الانتفاع كالدلو والحبل والمحمل والغطاء فهو على المكترى، لان ذلك يراد لكمال الانتفاع، واختلف أصحابنا فيما يشد به أحد المحملين إلى الآخر، فمنهم من قال: هو على المكرى لأنه من آلة التمكين، فكان على المكرى، ومنهم من قال: هو على المكترى لأنه بمنزلة تأليف المحمل وضم بعضه إلى بعض.