(والثاني) انه رجوع، وقد ذهب احمد وأصحابه إلى أن الخلط بما هو خير منه أو بما دونه أو بمثله لا يعد رجوعا لأنه كان مشاعا وبقى مشاعا وعندهم وجه ضعيف فيما خلط بخير منه أنه يكون رجوعا، لأنه لا يمكنه تسليم الموصى به إلا بتسليم خير منه، ولا يجب على الوارث تسليم خير منه فصار متعذر التسليم بخلاف ما إذا خلطه بمثله أو دونه، والله تعالى أعلم بالصواب قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وصى بقطن فغزله أو بغزل فنسجه كان ذلك رجوعا، لأنه أزال عنه الاسم، وان أوصى له بقطن فحشى به فراشا ففيه وجهان (أحدهما) انه رجوع لأنه جعله للاستهلاك (والثاني) ليس برجوع لان الاسم باق عليه.
(فصل) وان أوصى له بثوب فقطعه أو بشاة فذبحها، كان رجوعا، لأنه أزال عنه الاسم، ولأنه جعله للاستهلاك، وان وصى له بحلم فطبخه أو شواه كان ذلك رجوعا، لأنه جعله للاكل، وان قدده ففيه وجهان كما قلنا في الرطب إذا جعله تمرا.
(فصل) وان وصى له بثوب فقطعه قميصا أو بساج فجعله بابا ففيه وجهان (أحدهما) انه رجوع، لأنه أزال عنه اطلاق اسم الثوب والساج.
ولأنه جعله للاستعمال.
(والثاني) انه ليس برجوع، لان اسم الثوب والساج باق عليه (فصل) وان وصى بدار فهدمها كان رجوعا لأنه تصرف أزال به الاسم فكان رجوعا، كما لو وصى بحنطة فطحنها، وان تهدمت نظرت لان لم يزل عنها اسم الدار فالوصية باقية فيما بقي. وأما ما انفصل عنها فالمنصوص انه خارج من الوصية لأنه انفصل عن الموصى به في حياة الموصى. وحكى القاضي أبو القاسم ابن كج رحمه الله وجهان آخر: انه للموصى له لأنه تناولته الوصية فلم يخرج منها بالانفصال، وإن زال عنها اسم الدار ففي الباقي من العرصة وجهان (أحدهما) انه تبطل فيه الوصية لأنه أزال عنها اسم الدار (والثاني) لا تبطل لأنه لم يوجد من جهته ما يدل على الرجوع.