ولو كان في الموات موضع يمكن أن يحدث فيه معدن ظاهر كموضع على شاطئ البحر إذا صار فيه ماء البحر وتبخر صار ملحا ملك بالاحياء وجاز للامام اقطاعه لشركات أو أفراد، لأنه لا يضيق على المسلمين باحداثه، بل يحدث نفعه بفعله، فلم يمنع منه كبقية الموات، واحياء هذا يتم بتهيئته لما يصلح من حفر ترابه وتمهيده وفتح القنوات إليه تصب الماء فيه، لأنه يتهيأ بهذا الانتفاع به، قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان سبق إلى معدن باطن وهو الذي لا يوصل إليه الا بالعمل والمؤنة كمعدن الذهب والفضة والحديد والرصاص والياقوت والفيروزج فوصل إلى نيله ملك ما أخذه لقوله صلى الله عليه وسلم (من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به) وهل يملك المعدن، فيه قولان (أحدهما) يملكه لأنه موات لا يوصل إلى ما فيه الا بالعمل والانفاق، فملكه بالاحياء كموات الأرض (والثاني) لا يملك وهو الصحيح، لان النبي صلى الله عليه وسلم علق الملك في الموات على الاحياء وهو العمارة، والعمل في المعدن حفر وتخريب فلا يملك به، ولأنه يحتاج في كل جزء يأخذه إلى عمل فلا يملك منه الا ما أخذ، ويخالف موات الأرض لأنه إذا عمر انتفع به على الدوام من غير عمل مستأنف فملك به، فان قلنا إنه يملك بالاحياء ملكه إلى القرار وملك مرافقه، فان تباعد انسان عن حريمه وحفر معدنا فوصل إلى العرق لم يمنع من أخذ ما فيه، لأنه احياء في موات لا حق فيه لغيره، فان حفر ولم يصل إلى النيل صار أحق به كما قلنا فيمن تحجر في موات الأرض. فان قلنا: لا يملك كان كالمعدن الظاهر في إزالة يده إذا قال مقامه، وفى القسمة والتقديم بالقرعة وتقديم من يرى الامام تقديمه.
(فصل) ويجوز الارتفاق بما بين العامر من الشوارع والرحاب والواسعة بالقعود للبيع والشراء، لاتفاق أهل الأمصار في جميع الأعصار على اقرار الناس على ذلك من غير إنكار، ولأنه ارتفاق بمباح من غير اضرار فلم يمنع منه كالاجتياز، فان سبق إليه كان أحق به، لقوله صلى الله عليه وسلم (منى مناخ من سبق) وله أن يظلل بما لا ضرر به على المارة من بارية وثوب، لان الحاجة تدعو