(د) أن تكون سهامهما جميعا صائبة في الشن، ولكن سهام أحدهما أو بعضهما في الدارة وسهام الآخر خارج الدارة وإن كان جميعا في الشن ففيه وجهان.
(أحدهما) وقد حكاه الشافعي عن بعض الرماة أن المصيب في الدارة ناضل والمصيب خارج الدارة منضول قطب الإصابة.
(والوجه الثاني) وإليه أشار الشافعي في اختياره أنهما سواء وليس منهما ناضل ولا منضول، لان جميع الشن محل الإصابة.
وأما الحال الثالثة: وهو أن يستوفى أحدهما إصابة الخمس ويقصر الاخر عنها فهذا على ضربين. أحدهما: أن يكون مستوفى الإصابة أقرب سهاما إلى الشن أو مساويا صاحبه، فيكون ناضلا والمقصر منضولا. والثاني: أن يكون المقصر في الإصابة أقرب سهاما من المستوفى لها، فليس فيهما ناضل ولا منضول، لان المستوفى قد سقطت سهامه ببعدها، والمقصر قد سقطت سهامه بنقصانها، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن كان النضال بين حزبين جاز. وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه قال: لا يجوز لأنه يأخذ كل واحد منهم بفعل غيره، والمذهب الأول لما رويناه في أول الكتاب من حديث سلمة بن الأكوع، وينصب كل واحد من الحزبين زعيما يتوكل لهم في العقد، ولا يجوز أن يكون زعيم الحزبين واحدا، كما لا يجوز أن يكون وكيل المشترى والبائع واحد، ولا يجوز إلا على حزبين متساويي العدد لان القصد معرفة الحذق، فإذا تفاضلا في العدد فضل أحدهما الاخر بكثرة العدد لا بالحذق وجودة الرمي، ويجب أن يتعين الرماة كما قلنا في نضال الاثنين، ولا يجوز أن يتعينوا إلا بالاختيار، فإن اقترع الزعيمان على أن من خرجت عليه قرعة أحدهما كان معه لم يجز، لأنه ربما أخرجت القرعة الحذاق لاحد الحزبين والضعفاء للحزب الاخر، فإن عدل بين الحزبين في القوة والضعف بالاختيار، ثم اقترع الزعيمان على أن من خرجت قرعته على أحد الحزبين كان معه لم يجز، لأنه عقد معاوضة فلم يجز تعيين المعقود عليه فيه بالقرعة كالبيع.