الدارقطني والبيهقي من حديث أبي أمامة بلفظ (أن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعل لكم زكاة في أموالكم) وفى اسناده إسماعيل ابن عياش وشيخه عتبه بن حميد.
ولان الأنصاري أعتق ستة مملوكين له لا مال له غيرهم فجزأهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء على ما مضى ذكره، ولان مال من لا وارث له يصير إلى بيت المال إرثا لامرين.
أحدهما: أنه يخلف الورثة في الاستحقاق لماله.
والثاني: أنه يعقل عنه كورثته، فلما ردت الوصية إلى الثلث مع الوارث ردت إلى الثلث مع بيت المال لأنه وارث، وقد يتحرر منه قياسان (أحدهما) أن كل جهة استحقت التركة بالوفاة منعت من الوصية بالجميع كالورثة (والثاني) أن ما منع من الوصايا مع الورثة منع منها مع بيت المال كالديون.
فأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم: لان تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة فهو أنه لم يجعل ذلك تعليلا لرد الزيادة على الثلث، ولو كان ذلك تعليلا لجازت الزيادة على الثلث مع غناهم إذا لم يصيروا عالة يتكففون الناس، وإنما قاله صلة في الكلام وتنبيها على الخط.
وأما قول ابن مسعود يضع ماله حيث يشاء، فماله الثلث وحده، وله وضعه حيث شاء، وأما الصدقة فهي كالوصية إن كانت في الصحة أمضيت مع وجود الوارث وعدمه، وإن كانت في المرض ردت إلى الثلث مع وجود الوارث وعدمه والله تعالى أعلم بالصواب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) واختلف أصحابنا في الوقت الذي يعتبر فيه قدر المال لاخراج الثلث، فمنهم من قال الاعتبار بقدر المال في حال الوصية لأنه عقد يقتضى اعتبار قدر المال، فكان الاعتبار فيه بحال العقد، كما لو نذر أن يتصدق بثلث ماله، فعلى هذا لو أوصى وثلث ماله ألف فصار عند الوفاة ألفين لم تلزم الوصية في الزيادة، فان وصى بألف ولا مال له ثم استفاد مالا لم تتعلق به الوصية وان