قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب الوصايا من ثبتت له الخلافة على الأمة جاز له أن يوصى بها إلى من يصلح لها، لان أبا بكر رضي الله عنه وصى إلى عمر ووصى عمر رضي الله عنه إلى أهل الشورى رضي الله عنهم ورضيت الصحابة رضي الله عنهم بذلك (فصل) ومن ثبتت له الولاية في مال ولده ولم يكن له ولى بعده جاز له أن يوصى إلى من ينظر في ماله لما روى سفيان بن عيينة رضي الله عنه عن هشام بن عروة قال: أوصى إلى الزبير تسعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عثمان أموالهم والمقداد وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود رضي الله عنهم فكان يحفظ عليهم أموالهم وينفق على أبنائهم من ماله، وإن كان له جد لم يجز أن يوصى إلى غيره لأن ولاية الجد مستحقة بالشرع فلا يجوز نقلها عنه بالوصية (الشرح) الوصايا جمع وصية كعطايا وعطية مأخودة من قولهم: وصيت الشئ أصيبه من باب وعد وصلته، ووصيت إلى فلان توصية وأوصيت إليه ايصاء، وفى السبعة (فمن خاف من موص) بالتخفيف والتثقيل، والاسم الوصاية بالكسر والفتح لغة، وهو وصى فعيل بمعنى مفعول والجمع الأوصياء، وأوصيت إليه بمال جعلته له، وأوصيته عليه وهذا المعنى لا يقتضى الايجاب، وأوصيته بالصلاة أمرته بها. قال تعالى (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وقوله (يوصيكم الله في أولادكم. وفى حديث خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصى بتقوى الله، أي أمر فيعم الامر بأي لفظ كان، وهي في الشرع عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت والوصية في الخلافة أن يعهد لمن يصلح لها من بعده بتوليها. والوصية بالمال التبرع به بعد الموت، والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع. وأما الزبير فإنه ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم على حراء فتحرك فقال أسكن حراء فما عليك الا نبي أو صديق أو شهيد، وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير.