قوله فيما لم يعلم مع يمينه فإذا حلف لم يلزمه الإجازة في أحد القولين هبة، وفى الثاني إسقاط والجميع لا يصح مع الجهل به وان وصى بعيد فأجازه الوارث ثم قال أجزت لأني ظننت أن المال كثير، وقد بان أنه قليل ففيه قولان.
(أحدهما) أن القول قوله كالمسألة قبلها (والثاني) أنه يلزمه الوصية لأنه عرف ما أجازه ويخالف المسألة قبلها فان هناك لم يعلم ما أجازه.
(الشرح) الأحكام: الزيادة على الثلث ممنوع منها في قليل المال وكثيره لحديث سعد الذي مضى تخريجه وبيان طرقه الذي منع سعدا من الزيادة عليه، فإن وصى بأكثر من الثلث أو بجميع ماله نظر، فإن كان له وارث كانت الوصية موقوفة على إجازته ورده، فان ردها رجعت الوصية إلى الثلث، وان أجازها صحت، ثم فيها قولان.
(أحدهما) أن إجازة الورثة ابتداء عطية منه لا تتم الا بالقبض وله الرجوع فيها ما لم يقبض، وإن كانت قبل القبض بطلت كالهبات. فإن لم يكن للميت وارث فأوصى بجميع ماله ردت وصيته إلى الثلث في حق بيت المال.
وقال أبو حنيفة: وصيته إذا لم يكن له وارث نافذة في جميع ماله استدلالا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما منع سعدا من الزيادة على الثلث قال: لان تدع ورثتك أغنياء خيرا من أن تدعهم عالة يتكففون الناس فجعل المنع من الزيادة حقا للورثة، فإذا لم يكن له وارث سقط المنع، وبما روى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لا وارث لمن وضع ماله حيث شاء، ولأنه لما كانت الصدقة بجميع ماله جازت وصيته بجميع ماله.
ودليلنا ما روى عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم) رواه الدارقطني ورواه أحمد والبيهقي والبزار وابن ماجة من حديث أبي هريرة بلفظ (ان الله تصدق عليكم عند موتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم) وقد ضعف الحافظ ابن حجر اسناده وأخرجه أيضا