قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وتجوز المسابقة بعوض على الرمي بالنشاب والنبل، وكل ماله نصل يرمى به كالحراب والرانات لحديث أبي هريرة، ولأنه يحتاج إلى تعلمه في الحرب فجاز أخذ العوض عليه، ويجوز على رمى الأحجار عن المقلاع، لأنه سلاح يرمى به فهو كالنشاب وأما الرمح والسيف والعمود ففيه وجهان، أحدهما تجوز المسابقة عليها بعوض لأنه سلاح يقاتل به فأشبه النشاب، والثاني لا تجوز لان القصد بالمسابقة التحريض على تعلم ما يعد للحرب، والمسابقة بهذه الآلات محاربة لا مسابقة، فلم تجز لسبق على أن يرمى بعضهم بعضا بالسهم (فصل) وأما كرة الصولجان ومداحاة الأحجار ورفعها من الأرض، والمشابكة والسباحة واللعب بالخاتم والوقوف على رجل واحدة وغير ذلك من اللعب الذي لا يستعان به على الحرب، فلا تجوز المسابقة عليها بعوض، لأنه لا يعد للحرب، فكان أخذ العوض فيه من أكل المال بالباطل.
(فصل) وإن كانت المسابقة على مركوبين فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال لا تجوز الا على مركوبين من جنس واحد كالفرسين والبعيرين، فإن سابق بين فرس وبعير أو فرس وبغل لم يجز لان تفاضل الجنسين معلوم، وأنه لا يجرى البغل في شروط الفرس كما قال الشاعر:
إن المذرع لا تغنى خؤولته كالبغل يعجز عن شوط المحاضير ويجوز أن يسابق بين العتيق والهجين، لان العتيق في أول شوطه أحد وفى آخره ألين، والهجين في أول شوطه ألين وفى آخره أحد. فربما صارا عند الغاية متكافئين. ومنهم من قال، وهو قول أبي إسحاق انه يعتبر التكافؤ بالتقارب في السبق، فإن تقارب جنسان كالبغل والحمار جاز، لأنه يجوز أن يكون كل واحد منهما سابقا والآخر مسبوقا، وإن تباعد نوعان من جنس كالهجين والعتيق والبختي والنجيب لم يجز، لأنه يعلم أن أحدهما لا يجرى في شوط الآخر. قال الشاعر:
إن البراذين إذا أجريتها مع العتاق ساعة أعنيتها، فلا معنى للعقد عليه (فصل) ولا تجوز إلا على مركوبين معينين لان القصد معرفة جوهرهما، ولا يعرف ذلك إلا بالتعيين.