على الاجتهاد في الإصابة (والثاني) لا يجوز لان اصابتهما في مثله تندر فلا يحصل المقصود، وقدر أصحابنا ما يصاب منه بمائتين وخمسين ذراعا، وما لا يصاب بما زاد على ثلاثمائة وخمسين ذراعا، وفيما بينهما وجهان، فإن تراميا على غير غرض على أن يكون السبق لأبعدهما رميا ففيه وجهان (أحدهما) يجوز لأنه يمتحن به قوة الساعد، ويستعان به على قتال من بعد من العدو (والثاني) لا يجوز لان الذي يقصد بالرمي هو الإصابة، فأما الابعاد فليس بمقصود فلم يجز أخذ العوض عليه.
(فصل) ويجب أن يكون الغرض معلوما في نفسه فيعرف طوله وعرضه وقدر انخفاضه وارتفاعه من الأرض، لان الإصابة تختلف باختلافه، فإن كان العقد في موضع فيه غرض معروف فأطلق العقد حمل عليه كما يحمل البيع بثمن مطلق في موضع فيه نقد متعارف على نقد البلد، وان لم يكن فيه غرض وجب بيانه، والمستحب أن يكون الرمي بين غرضين، لما روى عبد الدائم بن دينار قال: بلغني أن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة. وعن عقبه بن عامر أنه كان يرمى بين غرضين بينهما أربعمائة. وعن ابن عمر أنه كان يختفي بين الغرضين وعن أنس أنه كان يرمى بين الهدفين، ولان ذلك أقطع للتنافر وأقل للتعب (الشرح) خبر: ما بين الهدفين الخ سبق أن سقناه في الحث على الرمي نقلا عن المصنف وغيره من الفقهاء، كابن قدامه في المغنى، وقد أعضله ولم يوضح، وأبناء دينار ثلاثة: عبد الله. ومالك. وعمرو، وليس فيهم من اسمه عبد الدائم، بل ليس في رواة السنة من اسمه عبد الدائم فضلا عن أن يكون ابن دينار وذكر الماوردي في الحاوي الخبر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن دينار مبهما، والخبر ساقه صاحب الترغيب والترهيب في الترغيب في الرمي. وقد أخرجه صاحب مسند الفردوس من طريق ابن أبي الدنيا باسناده عن مكحول عن أبي هريرة يرفعه (تعلموا الرمي فان ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة) وفى اسناده ضعف وانقطاع.