دليل على أن الولي لا يجوز له ان يوصى إلى أخ له أو غيره لتزويجها خلافا لأبي ثور الذي جعل الوصية إلى من ينظر في تزويجها كالوصية إلى من ينظر في مالها، والحديث صريح وقول أبي ثور خطأ، ولان استحقاق الولاية في النكاح لا يتأسس بوصيه، وسيأتي تفصيل ذلك في أبواب المناكحات إن شاء الله.
(فرع) إذا كان عليه دين دنيوي من حقوق الآدميين أو دين أخروي من حقوق الله تعالى فإنه يجوز له أن يوصى إلى من يتولى الأداء عنه لأنه إذا كان يجوز له ان يوصى في أداء حقوق غيره فلان يوصى لمن يؤدى ما يتعلق بخاصة نفسه أولى.
وقال بعض الأصحاب: بوجوب الوصية في مثل من عليه دين أو عنده وديعة أو عليه واجب يوصى بالخروج منه، فان الله تعالى فرض أداء الأمانات، وطريقه في هذا الباب الوصية فتكون فرضا عليه، وأما الوصية بجزء من ماله فليست بواجبه على أحد في قول الجمهور، وبذلك قال الشعبي والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.
وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أن الوصية غير واجبة الا على من عليه حقوق بغير بينة، وأمانه بغير اشهاد الا طائفة شذت فأوجبتها والله تعالى أعلم، قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ومن ملك التصرف في ماله بالبيع والهبة مالك الوصية بثلثا في وجوه البر، لما روى عامر بن سعد عن أبيه قال: مرضت مرضا أشرفت منه على الموت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فقلت: يا رسول الله لي مال كثير وليس يرثني الا ابنتي أفأتصدق بمالي كله قال: لا، قلت: أتصدق بثلثي مالي قال: لا، قلت أتصدق بالشطر قال: لا، قلت أتصدق بالثلث قال: الثلث، والثلث كثير انك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس ولا يجب ذلك لقوله تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين، الا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) وفسر بالوصية، فجعل ذلك