قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب الإجارة يجوز عقد الإجارة على المنافع المباحة، والدليل عليه قوله تعالى (فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) وروى سعيد بن المسيب عن سعد رضي الله عنه قال: كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمرنا ان نكريها بذهب أو ورق.
وروى أبو أمامة التيمي قال: سألت ابن عمر فقلت: إنا قوم نكري في هذا الوجه، وإن قوما يزعمون أن لا حج لنا، فقال ابن عمر: ألستم تلبون وتطوفون بين الصفا والمروة، ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عما تسألونني عنه فلم يرد عليه حتى نزل (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) فتلاها عليه. وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، ولان الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان، فلما جاز عقد البيع على الأعيان وجب أن يجوز على المنافع (فصل) ولا تجوز على المنافع المحرمة لأنه يحرم فلا يجوز أخذ العوض عليه كالميتة والدم.
(فصل) واختلف أصحابنا في استئجار الكلب المعلم، فمنهم من قال يجوز لان فيه منفعة مباحة فجاز استئجاره كالفهد، ومنهم من قال: لا يجوز، وهو الصحيح، لان اقتناءه لا يجوز إلا للحاجة. وهو الصيد وحفظ الماشية وما لا يقوم غير الكلب فيه مقامه إلا بمؤن، والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:
من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من اجره كل يوم قيراطان وما أبيح للحاجة لم يجز أخذ العوض عليه كالميتة، ولأنه لا يضمن منفعته بالغصب فدل على أنه لا قيمة لها.
(فصل) واختلفوا في استئجار الفحل للضراب، فمنهم من قال يجوز لأنه