قال المصنف رحمه الله تعالى:
كتاب اللقيط التقاط المنبوذ فرض على الكفاية لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) ولأنه تخليص آدمي له حرمة من الهلاك فكان فرضا كبذل الطعام للمضطر.
قال (اخذت منبوذا على عقد عمر رضي الله عنه فذكره عريفي لعمر رضي الله عنه فأرسل إلى فدعاني والعريف عنده، فلما رآني قال: عسى الغوير ابؤسا، فقال عريفي أنه لا يتهم، فقال عمر: ما حملك على ما صنعت؟ قلت: وجدت نفسا بمضيعة فأحببت أن يأجرني الله فيه، فقال هو حر وولاؤه لك وعلينا رضاعه.
ولان الأصل في الناس الحرية، فإن كان عليه ثياب أو حلي أو تحته فراش أو في يده دارهم أو عنان فرس، أو كان في دار ليس فيها غيره فهي له، لأنه حر، فكان ما في يده له كالبالغ.
وإن كان على بعد منه مال مطروح أو فرس مربوط لم يكن له لأنه لا يد له عليه. وإن كان بالقرب منه وليس هناك غيره ففيه وجهان (أحدهما) ليس له لأنه لا يد له عليه (والثاني) له لان الانسان قد يترك ماله بقربه فإذا لم يكن هناك غيره فالظاهر أنه له، وإن كان تحته مال مدفون لم يكن له لان البالغ لو جلس على الأرض وتحته دفين لم يكن له ذلك فكذلك اللقيط.
(فصل) وان وجد في بلد من بلاد المسلمين وفيه مسلم فهو مسلم، لأنه اجمتع له حكم الدار واسلام من فيها، وإن كان في بلد الكفار ولا مسلم فيه، فهو كافر، لأن الظاهر أنه ولد بين كافرين. وإن كان فيه مسلم ففيه وجهان.
(أحدهما) انه كافر تغليبا لحكم الدار (والثاني) انه مسلم تغليبا لاسلام المسلم الذي فيه. وان التقطه حر مسلم امين مقيم موسر أقر في يده، لما ذكرناه من حديث عمر رضي الله عنه، ولأنه لابد من أن يكون في يد من يكفله، فكان الملتقط أحق به لحق السبق